تضمن مشروع القانون المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الاثراء غير المشروع جملة من النقائص جعلته مخالفا للمعايير الدولية التي التزمت بها تونس منذ سنة 2008. فقد جاء ذاك المشروع مخالفا لاتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الفساد والقوانين المصادق عليها اخيرا باعتبار انه اقتصر على القطاع العام والحال ان الاتفاقية التي صادقت عليها تونس في 2008 نصت على ضرورة تجريم الفساد في القطاع الخاص. كان من المفروض ان يتضمن ذاك المشروع احكاما تفرض على أي مواطن تبرير مصدر ونمو ثروته بغض النظر عن انتمائه او لا للوظيفة العمومية وذلك احتراما لاتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الفساد. كما لم يتضمن المشروع احكاما تتعلق بالاشخاص الذي غادروا الوظيفة العمومية باي عنوان كان (التقاعد، الاستقالة، الطرد…). فالملاحظ ان عددا هاما ممن غادروا الوظيفة العمومية كدسوا ثروات مشبوهة متاتية اساسا من الرشوة دون ان تشملهم المساءلة الى حد الان. ايضا، لم يشر المشروع عن قصد او عن جهل للموظفين المعنيين باحكام الفصل 5 من قانون الوظيفة العمومية المتعلقة بضرورة التصريح بنشاط قرين الموظف اذا كانت له علاقة بوظيفه (تضارب مصالح). فالملاحظ ان عددا من الموظفين الموجودين في تلك الوضعية عاثوا فسادا في تونس من خلال السمسرة في الملفات الجبائية والصفقات العمومية وغيرها من الملفات. بالنسبة للتوقي من تضارب المصالح، لم يشر المشروع الى مسالة مباشرة الموظف لانشطة ومسكه لمصالح بطريقة غير مباشرة وبواسطة. فالملاحظ ان عددا هاما من الموظفين الفاسدين بعثوا بمكاتب دراسات واستشارات وتكوين وسمسرة وتخريب بواسطة الابناء والازواج وحتى اشخاصا واجهة دون ان تحرك الادارة ساكنا. الغريب في الامر، ان لا يخص الفصل 31 من المشروع عدم التصريح بالمكاسب بعقوبة بالسجن. اما الفصل 33 من المشروع فلم يخص التصريح المغشوش بعقوبة بالسجن. في حين ان الفصل 36 من المشروع، جاء لتبييض الرشوة حيث لم ينص على عقوبة بالسجن ضد الموظف العمومي الذي يقبل هدية في اطار مهامه وفي هذا دوس على الاحكام المتعلقة بالرشوة الواردة بالمجلة الجزائية. اما الفصل 42 من المشروع، فقد نص على امكانية اتخاذ اجراءات تحفظية عوض التنصيص على ضرورة اتخاذ تلك الاجراءات حتى لا يتم التفويت في المكاسب المتحصل عليها بطرق غير شرعية مثلما نلاحظه اليوم. الاتعس من ذلك، ان لا يمكن المشروع هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ودائرة المحاسبات من معاينة عدم التصريح بالمكاسب من خلال تحرير محاضر بهذا الخصوص واحالتها على النيابة العمومية حتى لا تبقى العقوبات الواردة بالمشروع حبرا على ورق مثلما نلاحظه اليوم بكل مرارة بالنسبة لعدد هام من النصوص التشريعية.