لعلّه ليس جديدا القول بأننا نعيش منذ تسعينات القرن الماضي على وقع تحوّلات وتطوّرات متسارعة ومتلاحقة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو العلمي أو التربوي نتيجة الثّورة التكنولوجيّة والاتصاليّة لكن الجديد أنّ هذه التحوّلات زعزعت كلّ المسلّمات والبديهيات وفرضت على مختلف المؤسسات الاجتماعيّة إعادة النظر في طريقة اشتغالها لتتلاءم مع عصر يوحي بميلاد إشكاليات جديدة تتطلّب فكرا جديدا وهو موسوم بمجتمع المعرفة تسرّبت روحه إلى داخل المؤسسة التربويّة أيضا قصد تغيير نمط أدائها و هو ما يتطلب إعادة النظر في هذه التحولات و في هذا الإطار حاول الملتقى الوطني حول التعليم الممسرح الذي نظمه الفرع الجهوي بقابس لجمعية تطوير التربية المدرسية من 19 إلى 21 مارس الجاري بأحد الفضاءات السياحية بمطماطة و حضره أكثر من 80 مهتما بالشأن التربوي بين ممثلين عن فروع الجمعية من مختلف الولايات و عدد من الخبراء و المتفقدين و المدرسين و طلبة التربية و التعليم و التلاميذ و الأولياء أن يخوض في مسألة أهمية التعليم الممسرح و الإمكانيات الممكن توفرها بغية جعل المادة المدرسة ممتعة ومشوقة تتلاءم مع مدارك الأطفال و قدراتهم و إيجاد الحلول لأزمة المدرسة ذات الصلة بملل الأطفال و توفير تكوين يساعد على تطوير ممارسة المربين المهنية من خلال قراءة جديدة للتعليم المسرحي ودوره في تحسين المردود المعرفي و العلمي لدى المترددين على المدرسة من خلال تكوين شخصية التلميذ بصقل مهارته عن طريق تنمية ملكته و هو أيضا السبيل الأمثل لعلاج الخجل و الانزواء بعيدا عن المجموعة. و تابع المشاركون مجموعة من المداخلات العلمية تناول فيها أصحابها تحليل العملية التعليمية و تحديد سبل تطويرها من خلال دراسة الثوابت و المتغيرات حول التعليم بين الأمس و اليوم بالإضافة إلى علاقة فن المسرح بالتدريس . كما شهد هذا الملتقى أيضا إقامة ثلاث ورشات تطبيقية نشطها عبد الحي مجيد أستاذ مسرح الذي سعى إلى تمكين المشاركين من التعرف على كيفية تواصل المربي مع ذاته قبل التواصل مع التلاميذ فيما كان الجانب الثاني مع الفضاء أي كيف يستغل المربي هذا الفضاء و يحوله إلى فضاء مسرحي معد لتقديم بعض المشاهد المنتجة من طرف التلاميذ . و قد مكن هذا الملتقى المشاركين أيضا من القيام بجولة سياحية بين عدة قرى جبلية و زيارة استطلاعية للمتحف العسكري بمارث إلى جانب إقامة حصة صحية توعوية حول الوقاية من أمراض السرطان و التدخين . و تتويجا لأشغال هذا الملتقى الوطني تلا نبيل بدروشي الكاتب العام للفرع الجهوي بقابس البيان الختامي الذي أقره الحاضرون في هذا الملتقى قائلا أنه على إثر ما شهده الملتقى من مداخلات علمية و ورشات تطبيقية اتصلت بأهمية مسرحة التعلمات في إطار البحث عن بدائل تسمح بتطوير الفعل التعليمي التعلمي و تجويده يوصي المشاركون بضرورة التعجيل بتكوين المدرسين تكوينا أكاديميا في الألعاب الدرامية و المسرح المدرسي و توفير الفضاءات المناسبة لهذه الأنشطة أو تطويع الفصول لها بالإضافة إلى انتداب وتكليف مختصين في الحقل التربوي يؤمنون التكوين و متابعته و تحسيس المربين أهمية التعليم اُلممسرح و العمل على ترغيب الأسرة التربوية في ذلك بالإضافة إلى إدراج المسرح في البرامج الرسمية للمدارس الابتدائية على غرار المدارس الإعدادية. وفي لقائنا ببعض المشاركين للوقوف على انطباعاتهم الشخصية حول مضمون وأبعاده هذا الملتقى التربوية ذكر البشير الهاشمي ( رئيس جمعية تطوير التربية المدرسية ) أن موضوع الملتقى يندرج في أهداف الجمعية و في ماهية أعمالها لأن المسرح في الوسط المدرسي يساهم في تحقيق التعلم الجيد وهو ما نطمح إليه في تونس العزيزة حيث نحلم بأن تكون هناك مدرسة جديدة تناسب التطور الجديد الذي نعيشه في تاريخنا . وأبرز المبروك الجابري ( معلم من قابس ) أن التعليم الممسرح موضوع الساعة لأننا متأكدون من ضرورة إيجاد مسرح مدرسي لمساهمته في تكوين شخصية الطفل و يبقى من الضروري إيجاد العنصر الفاعل في المربين و هو يتطلب أيضا توفير مفاتيح لتدريب و تعلم وتنشيط الأطفال في المسرح بالإضافة إلى انتظارات الأطفال مؤكدا أن المسرح مشروع أو لا يكون لذا نأمل أن تكون التوصيات المنبثقة عن هذا الملتقى مجدية و فاعلة من أجل المسرح المدرسي في تونس . ويرى المنصف عبود (متفقد من المنستير) أن موضوع التعليم الممدرس يعد موضوعا مفيدا وهاما للغاية نظرا لما يتضمنه من تجديد تربوي يساعد على تحسيس المتعلمين و المعلمين و كافة القائمين بالشأن التربوي و المسؤولين في التعليم بأهمية التشجيع على النشاط المسرحي و العمل على إيجاد المسرح في مدارسنا و جعل الفضاءات مهيأة لانجاز المسرحيات وجعل الأطفال يتفاعلون تفاعلا ايجابيا عن طريق المسرح بهدف تحسين مستواهم و بذلك نساهم في تحسين التعليم و التعلم . و يؤكد الحزامي الحزامي ( المدير المساعد للحياة المدرسية و شؤون التلاميذ بالمندوبية الجهوية للتربية بقابس ) أن محور الملتقى هو في صلب الأنشطة الثقافية التي توليها الوزارة الأهمية الكبرى و اعتبارا لأهميته في التعليم فإنه بالإمكان ممارسة التعليم و المسرح في نفس الوقت لتمرير مفاهيم علمية أو أدبية عن طريق المسرح و قد أتاح الملتقى فرصة عن كيفية للبحث عن السبل المجدية و الطرق الناجعة ترمي إلى إسعاد الطفل من خلال ممارسة المسرح في التعلم و التعليم و بالتالي إمكانية جعل الطفل سعيدا في مدرسته . و بينت فطومة بن فضل (متفقدة من المهدية ) أن الاستفادة مضمونة من خلال ما تعرف عليه المشاركون من خبايا عن المبادئ الأولية للتعليم المسرحي بغية مزيد تطوير المبادرات لدى المشرفين على الشأن التربوي وهي تتطلع أيضا إلى مزيد تحسين المردود العملي بالقسم بهدف الرفع من مستوى التلميذ و مقاومة الفشل المدرسي .