السيد الحبيب اللّوز النائب في التأسيسي , وأحد كواسر النهضة الفتّاكة “نْطق من جْنابُو” يومان بعد الاحتفال باليوم العالمي للمرأة , كما لم ينطق من قبل . تكلّم عقله الباطني وكأنّه كان ممدّدا على سرير طبيب نفساني بلا رتوش ولا مساحيق ولا “حُمّيرْ” . وبما أنّ الحوار الذي أجْرته معه إحدى الزميلات في جريدة المغرب , اقترن مع احتفال المرأة بعيدها , فأعتقد أن اختيار الضّيف لم يخطئ الهدف , فالمرأة تسكن عقل سي الحبيب وكلّ “الإسلاميين” تقريبا على الدّوام , وما يهمّهم فيها نصفُها السّفلي حيث موضع المتعة واللّذة وماكينة الإنجاب , ولذلك يتّخذون منها واحدة وثانية … ورابعة وما أجاز لهم شيوخ الإفتاء من متعة ومسيار وجهاد نكاح , بل إنّهم لا يروْن لها من جمال سوى جمال ما بين الفخذيْن , ولذلك أبدعوا في التّنظير لوسائل تجميل العضو الأنثوي . ورغم أنّ هذا “التّجميل” غريب عن البيئة التونسية , إلاّ أنّ سي الحبيب المُتيّم بطروحات شيوخ الوهّابية , رأى في كلام الشيخ غنيم –الذي استقبله وآخرين من أمثاله استقبالَ الفاتحين وجال بهم أرضَ تونس شرقا وغربا- الكثير من الوجاهة والمنطق حين اعتبر ختان البنات تكريما للمرأة , وعملية تجميل تُصْلِحُ ما أفسدته الحرارة في بعض مناطق العالم من بروز نتوءات زائدة عن الحاجة , وربّما يكون سي الحبيب تكلّم عن تجربة ودراية حين قال إن هذه النتوءات مقلقة للزوج , وإنّ قصَّها وإزالتَها لا يُذهب في كلّ الأحوال اللّذة والمتعة عن المرأة ورغم أنّ سي الحبيب سارع عشيّة صدور المقال في إحدى الإذاعات الخاصّة ومن الغد في الجلسة العامة للتأسيسي لتكذيب حديث “السّاقْ” الذي أخرجتْه الصحفيّة المعنيّة عن السّياق واستعملت له الكثير من مغشوش “اللّصاقْ” , فهو في ذلك لم يخرج عن قاعدة نهضوية ذهبيّة برع فيها شيخ “مونبليزير” الأوّل حين يقول الشيء وبعد ساعة يكذّبه متذرّعا بنفس الحجج : إخراجُ الحديث عن سياقه واقتطاعه من إطاره لتسويق صورة سياسيّة معيّنة وسواء صدق سي الحبيب بعد هذا أوْ لم يصدق عن إخراج الكلام من سياقه في معرض حديثه عن ختان البنات , فقد أعاد على مسامعنا القضيّة التي عشنا على وقعها لأسابيع في المجلس التأسيسي حول المساواة بين المرأة والرجل أوْ التكامل بينهما كما أرادات أنْ تُمرّرَ النهضة في وثيقة الدستور , حين قال لا يوجد مساواة بين الطبيب والمريض والقائد والجندي والرئيس والعبد , وهو كلامٌ يُغني عن كلّ تعليق ويحمل التونسيات والتونسيين على الدخول في نوْبة شهيق ونهيق وما يُخلّفه لهم من “شيْحان ريق” تحدّث سي الحبيب بعد هذا عن “بوتْشي” أوْ بيس الطفولة التي لم يلعب بها كأترابه وخبّأها والدُه تحت شجرة مخافة انشغاله عن دراسته , فظهرت عليه علامات “المشيخة” المُبكّرة وهو في سنّ التّسْع , ليصقلَ فيما بعد هذه “الموهبة الربّانية” بالنّهْل من كتب الإخوان المسلمين وخاصّة محمد وسيّد قطب , فسي الحبيب يعشق فكرَ الإخوان والوهّابيين حُبَّه وعشقَه لطول جُبّتهم , ولم يُلوّث عقله كأبناء جيله بالفلسفة أو علم “الدجاجة” كما عرّفها الشيخ البشير بن حسن , ولا بكتابات طه حسين والعقّاد ومحفوظ والمسعدي وهوغو وكافكا وتولستوي والمئات من أمثالهم أمّا في مجال الفنون , فسي الحبيب يُحبّ الفنّ الملتزم أمثال مارسيل خليفة وسامي يوسف ولم يقل الشيخ إمام ورفيق دربه أحمد فؤاد نجم , وفي السينما فقد شاهد فيلميْن وحيديْن وهما أوّل فيلم تونسي بعد الاستقلال “الفجر” لعمار الخليفي وبعض أجزاء فيلم عصفور سطح لفريد بوغدير , ثم وقف حمار الشيخ في العقبة وحين سُئل سي الحبيب عن المهنة التي تمنّى امتهانَها , قال إنّ أباه وليس هو , أراده أن يكون طبيبا , ونحمد الله بالمناسبة أنّ ذلك لم يحصل لأنّ البلاد تصبح مطالبة حينها بمُداواة أمراض طبيب مُزمنة لا شفاء لها وتصرف من أجله المزيد من الملايين بعد تكوينه , لكنّه تمنّى أن يكون شيخا عالما وزعيما وهو ما قال إنّه تحقّق. ومثْلُ هذا الكلام الذي يُسوّقه أمثال سي الحبيب إيهاما بالرّضا عن واقع يُخالف في الحقيقة ما في النّفوس , وإيغالا في نفخ الصدور تماما كما يفعل الهِرّ في حضرة الأسد , لا يخرج في النهاية عن منطق النّصف السفلي للإنسان وإفرازاته العفنة الذي تكلّم به سي الحبيب عن المرأة ومكانتها , ولذلك أنصح التونسيين والتونسيّات أنّه كلّما تكلّم “سماحتُه” إلاّ ويبادروا بصمّ آذانهم وسدّ أنوفهم , لأنّ سي الحبيب سيتغوّط من فوق …