لم أتم بعد قراءة تقرير لجنة الحقوق و الحريات الفردية نظرا لطوله وتعدد مواده و لكن باستطاعتي القول أن إدراكي الأولي حوله ايجابي عموما و أن مضامينه يمكن البناء عليها لخوض نقاش بناء و تبادل الرأي عند اتمامه. و لكن قبل ذلك أورد هذه الملاحظات الأولية حول بعض ما رصدته من ردود فعل على شبكة التواصل الاجتماعي على هذا المشروع أقدمها تباعا : 1- ثمة انطباعات ذات محمول إيديولوجي سلفي هي ليست بحاجة إلى الاطلاع على التقرير فتصدر سريعا موقفها الرافض فقط لأنه يتناول الحقوق و الحريات و العياذ بالله و لأن أعضاء اللجنة هم فلانة و فلان المعرفون بكذا وكذا ! لذا تراهم يلجئون الى شتى أنواع الوصم و ختى السباب و ينصبون أنفسهم مدافعين عن روح الاسلام أمام "هجمة" أعداء الدين في حين هم أبعد أن يكونوا عن أخلاقه و مبادئه ! 2- ثمة انطباعات أخرى ذات محمول إيديولوجي لبعض اليسار هو أيضا ليس بحاجة للاطلاع على التقرير فتراه يصدر بسرعة موقفه الرافض فقط لأنه يرى أن سلطة اليمين و الرجعية لا يأتي منها " خيرا " ! و أن مشروع الاصلاح هذه هو صنيعة استعمارية لا غير ! 3- ثمة نوع من التجاهل للتقرير يسلكه بعض اليسار أيضا فلا يصدر موقف أو انطباع أولي حول التقرير فكأن "موش وقتو" تكبل الأذهان و تقيدها فلا تتركها ترى إلا شبهة الاستثمار السياسي التي يمكن أن تجنيها السلطة من هكذا مبادرة ! 4- ثمة أيضا انتظارية تتوخاها بعض المعارضات السياسية المحسوبة على الحداثة إذ يقودها منطق الحسابات السياسية فكأنها ترى أن الخوض في ملف الحقوق و الحريات ليس من القضايا المقبولة شعبيا و المربحة سياسيا ! 5- ثمة انتظارية أخرى يسلكها حزب النهضة إزاء مشروع الإصلاح فلا معارضة علنية ولكنه يغض النظر عن هجمات "فايسبوكية" يشنها مناضلوها على التقرير و ذلك في انتظار اتجاهات الريح و مآل الأمور و ما سيحمله الوفاق حول الاصلاح من أرباح سياسية ! 6- ثمة تبخيس أيضا تستبطنه فئة من " الحقوقيين " لأي أصلاح للحقوق أو حريات لا يشمل الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية فغيرها ليست سوى قشور و لا صوت يعلو عندها على صوت الحقوق ذات الصبغة المادية ! 7- ثمة أراء أولية أصدرها عدد من المثقفين تنم عن شجاعة أدبية و علمية و التزام بقضايا التقدم في هذه البلاد لا يمكن إلا أن نحييها نذكر منها الانطباع الايجابي للدكتور عبد الواحد المكني . Wahid Lotfi Mokni (أنظر صفحته على الفايسبوك) 8- ثمة سكوت في أوساط السلطة بشقوقها و كأن صراع حولها قد أخذ كل جهدها في حين تشكل المواقف من هذا المشروع فرصة للارتقاء بالنقاش السياسي إلى مستوى الرؤى الحضارية إن هذا التقرير فرصة تاريخية لخدمة قضية الحقوق و الحريات الفردية و التقدم بها في هذه البلاد و هي بحق معركة حضارية جديدة . فلنسهم جميعا في تحقيق ما يمكن تحقيقه من مكاسب حقوقية من خلال هذه المبادرة مهما كانت مواقعنا الفكرية و مواقفنا السياسية . فتحي الهمامي