جاء في رسالة عن الكاتب العام للفرع الجامعي بالإتحاد العام التونسي للشغل حسين بوجرة إتهاما صريحا لوزير التعليم العالي بالإنتهازية وإستغلال النفوذ إذ كتب في صفحة إتحاد الشغل " في ضرورة وضع حدّ لسياسة انتهاز الفرص من قبل الوزارة الضاربة لمبدأ استقلالية الجامعات : مرّة أخرى، يضرب السيد وزير التعليم العالي موعدا مع التاريخ، تاريخ التضخيم من صلاحياته والتعدّي على صلاحيات الجامعات، وذلك بقبوله استقالة السيد عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان دون انتظار موقف مجلس جامعة القيروان في مثل هذه المسائل الراجعة بالنظر للجامعة المعنية دون غيرها. كان على السيد العميد تقديم مطلب استقالته عن طريق التسلسل الإداري كما كان على السيد الوزير إحالة الملف على أنظار مجلس جامعة القيروان لاتخاذ ما تراه صالحا لحلّ الأزمة، وفي حالة ما استعصى الأمر عليها القيام بطرح الموضوع على مجلس الجامعات، عوضا عن قيامه باستدعاء العميد ورئيس الجامعة إلى مقر الوزارة، فالعمداء والمديرين المنتخبين وأعضاء المجالس العلمية ومجالس الجامعات ليسوا أعوانا إداريين خاضعين للإدارات المركزية للوزارة وللسيد الوزير تحديدا، كما أن رؤساء الجامعات لم يعودوا منذ انتخابات ما بعد الثورة لسان حال وليّ نعمتهم الذي أنعم عليهم بهذه الخطّة.. يبدو أنّ وزير التعليم العالي هو وزير سابق للثورة وسابق أيضا لما تلاها من إصلاحات ثورية! كفانا انتهاكا لاستقلالية الجامعات وركوبا على الأحداث والأزمات على طريق بناء صرح بيروقراطية تعدّ التفافا على قرار انتخاب رؤساء الجامعات وتمهيدا للعودة إلى الصلاحيات المتضخّمة للوزير" المنقذ".. لقد اندلع خلاف حادّ بين رئيس جامعة القيروان وعميد كلية الآداب بها على خلفية أزمة تمثلت في تعطّل دروس ماجستير الفلسفة بصفة كلية أو تكاد، أفضت إلى بروز حركة احتجاجية من قبل بعض الطلبة وصلت إلى حدّ التهجّم على عميد الكلية بل وإلى تعنيفه، وهو أمر مدان يفترض تتبّع كل من تورّط فيه وقيام الوزارة بالعمل على توفير الحماية لكلّ من يحتاجها داخل الحرم الجامعي. وهو ما أشار إليه كلّ من بيان النقابة الأساسية لأساتذة الكلية على إثر اجتماع نقابي نظّم للغرض وبيان جامعة القيروان.. إلاّ أنّ وزارتنا على عادتها لم تحرّك ساكنا وانتظرت تعفّن الوضع. كم كنّا نودّ أن يقع حسم الخلاف بين مجلس جامعة القيروان من ناحية والعميد والمكلّف بالإشراف على لجنة ماجستير الفلسفة من ناحية ثانية في كنف احترام النصوص القانونية وبالاحتكام إلى مجلس الجامعات ليحسم الخلاف في حالة ما لم يحصل وفاق بين الطرفين. لقد سبق لنا كجامعة عامة للتعليم العالي أن طالبنا في إطار نفس التمشّي (احترام صلاحيات الهيئات البيداغوجية والعمل بقاعدة احترام الأغلبية داخل المجلس العلمي لهذه الكلية – أو غيرها- وتنظيم انتخابات استثنائية كما طالبت بذلك السنة الماضية أغلبية أعضاء المجلس العلمي لكلية آداب القيروان) بالرجوع دوما إلى القرار الأغلبيّ وبناء عليه الاحتكام إلى مصدر الشرعية الوحيد، أي الأساتذة، وذلك عبر تنظيم مثل هذه الانتخابات.. إلاّ أنّ الوزارة سوّفت وماطلت مفضّلة إبقاء الوضع على ما هو عليه. كما سبق لنا كجامعة عامة أن طالبنا بالعمل بنفس المبدأ رافضين رفضا قطعيا ومهما كانت التبريرات والمسوّغات العمل بمبدأ التعيين لحلّ أزمة تمثيلية مدير المعهد العالي للإعلامية والتصرف بالقيروان. وهو الأمر الذي استجابت له جامعة القيروان التي قامت في إطار حل توافقي بتنظيم انتخابات استثنائية سمحت بتجاوز الأزمة وبإيجاد هيئة تسيير جديدة منتخبة تحظى بالشرعية القانونية والانتخابية معا.. في حين كانت الوزارة وفي شخص مدير الديوان ماضية في إقرار التعيين وفي تنظيم اجتماعات في دار الولاية أين وقع استدعاء الأساتذة المنتخبين، مفرّطة بذلك في استقلالية الجامعة التونسية إزاء السلطة الجهوية وفي قاعدة التفاوض مع الطرف النقابي الأكثر تمثيلية ( راجع بياني الجامعة العامة بتاريخ 6 أفريل 2013 وبتاريخ 20 ماي 2013). لماذا هذا الإصرار من قبل الوزير ورئيس ديوانه للمرّة الثانية على التوالي في جامعة القيروان ولمرّات عدّة بجامعة جندوبة السنة الماضية والسنة الحالية، على ترك الأمور تتعفّن وعلى انتهاج سياسة انتظارية مقيتة لكي يطلّ علينا في الأخير الوزير أومن يمثّله بحلول فوقية تنتهك استقلالية الجامعات وتضخّم من صلاحيات الإدارات المركزية.. وتحيي مفهوم " المهدي المنتظر المنقذ من الضلال الديمقراطي"؟؟