الحدائق هي جنات الله في أرضه ومن السهل جداً أن نرسم تصاميم حدائقنا الجميلة في عالم الخيال ومن السهل جداً أن نعد التقارير لواقعنا المأمول ومن السهل جداً أن نرصد المبالغ الطائلة على صيانة حدائقنا .. ولكن للأسف واقع الحديقة العمومية بصفاقس يرثى لها ، عندما نسمع عن حجم ما أنفق على صيانتها يخيل لنا أن أسوارها من ذهب لأنك لا تر فيها إلا أشجار قد أزيلت وألعاب في العراء وإهمال واضح . فبعد أن كانت حديقة التوتة الرئة التي تتنفس بها المدينة أصبحت بين إهمال البلدية وبين عبث المخربين في وقت وجيز حالة كارثية ساهمت في تنفير العائلات من اللجوء إليها في أوقات الفراغ وما زاد من تشويه صورتها الانتشار الملفت لأصحاب المواعيد الغرامية الذين لا يجدون حرجا في ممارسة طقوسهم غير الأخلاقية أمام المارة ضاربين عرض الحائط طبيعة المجتمع في ظل غياب الحراسة والمتابعة الحثيثة من قبل الجهات المعنية وعدم اهتمام الجهات ذات الاختصاص بها فلم تسلم محتوياتها من التدمير والتكسيرو الحرق ، ولعل الزائر لهذه الحديقة لا بد له أن يشاهد المستوى المتردي التي آلت إليه حتى باتت تشكل مصدر خطر على صحة وسلامة مرتاديها وهو ما يستدعي تدخل الجهات المعنية لتدعيم هذه الحديقة بحراس ووضع لافتات توعوية تساهم في رفع الحس البيئي والحضاري لدى المواطنين. كلّ هذا يجعلنا نتساءل اليوم عن نشاط المؤسسات والإدارات الحكوميّة التي تعنى بحفظ البيئة والمحيط وما دورها من كلّ ذلك . وما زاد من تشويه صورة هذه الحديقة ما تخلفه الإحتفلات و التظاهرات الثقافية وخاصة الطفولية و الشبابية منها التي تقام بها من فضلات و اعتداءات على الأشجار و المسطحات هل فكرت البلدية بالتعاون مع وزارة التربية وبعض القطاعات لنشر ثقافة المحافظة على الممتلكات العامة ؟ أو أوجدت البلدية من خلال الجمعيات نشر ثقافة العمل التطوعي للمحافظة على الممتلكات العامة ؟ قبل أن تمنح التراخيص لإقامة التظاهرات بها ،هل وضعت لافتات تحذيرية تمنع الاقتراب من بعض الأماكن بالحديقة مخافة الإنزلاق أو سيجت الجانب الأثري منها المتمثل في الآبار و الفستقية خشي السقوط فيها لا قدر الله .أو فرضت كراس شروط لإقامة الحفلات بها تضمن سلامة روادها أكيد ستكون الإجابة بلا فهل من مغيث لهذا الفضاء الطبيعي الثقافي الذي يُعدُّ مفخرة لمدينة صفاقس