طالعت مؤخرا ما نشر بموقع الصحفيين التونسيين بصفاقس تحت عنوان "قم للمعلّم ووفه الدينار … كاد المعلّم أن يكون سمسارا، بقلم رشيد الكرّاي" ونظرا لعملي كمعلّم أردت أن أوضح شيئا مهما لا يعرفه كاتب ذلك المقال وللأسف عندما أجد صحفيين لا يبحثون عن المعلومة فهنا تكمن الطامة الكبرى ، لأنّ ما تعلمناه سويّا بمعهد الصحافة يجبرنا على البحث والتدقيق جيّدا في المعلومات التي سنمدّ بها المتقبل … المنظمة الدولية للعمل تصنّف التعليم كثاني المهن مشقة بعد عمّال المناجم إضافة إلى معادلة ساعة المعلّم بأربع ساعات عامل البناء وبعد اعتراف الدولة التونسية بما جاء في نصّ هذه الوثيقة الدولية، طالبت النقابة العامة للتعليم الأساسي بمنحة مشقة المهنة فما كان من وزارة التربية سوى اسنادها إلى زملائنا بالتعليم الثانوي الذين هم أقلّ شقاء من معلّم الإبتدائي، والمعلّم له على الأقلّ ثلاث ساعات من العمل يوميّا في المنزل إلى جانب العمل بالمدرسة ، وهو من يقوم بحراسة الأطفال أثناء فترات الراحة ، وهو من يجمع الأعداد ويحسب المعدلات ويقوم بتعمير دفاتر الأعداد ، ويوزع الأكلات على التلاميذ، يقوم بمداواة التلميذ إن أصيب لا قدّر الله داخل المدرسة، مطالب بملفات متابعة لكلّ تلميذ ومعرفة أسباب أخطائه وبلورة طرق إصلاح ودعم لكلّ منهم.. وكلّ هذا العمل يقوم به أكثر من عشرة قيميين بالمعاهد الثانوية… ورغم جميع التضييقات وحجم العمل الضخم المطالب به المعلّم والمراقبة اليومية من المديرين والمتفقدين والأولياء إلاّ أنّنا كنّا في طليعة المدافعين عن هذا الوطن ومناضليه ولعلّ إضراباتنا السياسية في عهد بن علي أكبر الشهادات والتي من بينها إضراب 5 أكتوبر 2009 الذي كان مطلبه الأساسي وبصريح العبارة الإفراج عن سجناء الحوض المنجمي.. لديك القدرة على إنجاز تقرير مفصّل عن زيادات الأجور بالوظيفة العمومية بعد ما يسمى بالثورة وستتأكدّ أن المربين هم الأقلّ انتفاعا بها فأصبح عون الأمن بمستوى دراسي لا يتجاوز الباكالوريا صاحب أجر يقارب الألف دينار في حين عدد كبير من المعلمين الحاملين لشهادة الأستاذية يعملون بأجر شهري يساوي 650 دينارا، ثمّ ولعلمك مطلب منحة مشقة المهنة يأتي في ذيل المطالب بعد مطلبين أساسيين هما تنظير خريجي المعاهد العليا لتكوين المعلمين ومطلب إدماج المعلمين النواب. والغريب في كلّ ما كتبته سيّدي الكرّاي أنّك أظهرت جهلا بالحياة المدرسية وكلّ ما خطته يداك لا يتعدّى أحاديث المقاهي، فعليك في المرّة القادمة البحث جيّدا في المنظومة التربوية ومعرفة أسرارها لأنّ الصحفي المحترف – أو كما تسمّي نفسك "صحفي أوّل" – هو من يسعى جاهدا لنيل المعلومة الصحيحة وليس ما يسمعه من أخبار وهو قابع بمنزله.