بعد مرور 100 يوم يطعم الحنظل… ها أنني أجزم أن هذه الحكومة الحالية لن تؤدي بهذا البلد إلا إلى شفير الهاوية والهلاك… وهذا الهلاك إما أن يكون بإدخال البلاد في موجة من العنف والدمار… أو بإعادة الجميع إلى بيت الطاعة وإعادة الاستبداد بشكل لم يسبق له مثيل… هذان هما الخيران المطروحان على الشعب التونسي اليوم وللأسف الشديد… وهذا هو برنامج الحزب الحاكم الذي كنا ننتظر الكشف عنه بفارغ الصبر طوال المرحلة الماضية ونحن نتابع بكثير من القلق كل ما يحدث من حولنا…إن هذا البرنامج ملخصه الخضوع أو الموت…. والدلائل على ذلك كثيرة ومهما أنكر المنكرون وكذب المنافقون وزور المزورون فإن ذلك لن يغير من مرارة الحقيقة شيئا… إذ أن هذه الحكومة وبكل تشكيلاتها لا تمثل مصالح الشعب ..بل إنها لا تمثل إلا مصالح فئة ضيقة من أصحاب المال والنفوذ في البلاد وخارجه وهي تتصرف بعقلية بعض رجال الأعمال الانتهازيين الذي لا هم له سوى تحقيق المكاسب والأرباح الشخصية من خلال المضاربة والمقامرة و الصفقات المشبوهة التي تسعى إلى تحقيق أكبر قدر من الربح في أقل وقت ممكن بأي وسيلة ولو كانت غير مشروعة … إن هذه الحكومة وخلال ال100 يوم الماضية ارتكبت من الكبائر والآثام ما لم يرتكبه حتى "بن علي" خلال سنوات حكمه المافيوزية… لقد سعت هذه الحكومة إلى تصفية كل مكاسب الثورة وبسرعة قياسية وذلك بالتباع أسلوب إجرامي قذر يتمثل في ممارسة التشويه والتخوين والتهديد في حق كل من يعارضها أو يحاول قول كلمة الحق … إن هذه الحكومة الحالية أدخلت البلد في نقاشات ومهاترات بعيدة كل البعد عن مشاغل المواطنين من خلال إعلام متواطئ غارق في الفساد والعمالة والمجون وكلما تم تجاوز ذلك طلعت علينا بموضوع آخر يغرق الناس من جديد في نقاشات عقيمة تبعد عنها الأنظار وتشتت الجهد فيما لا يفيد… كما أنها أفسحت المجال أمام الفساد والمفسدين لاستعادة زمام المبادرة مما أغاق البلاد في الجريمة والغش والتهريب والتلاعب بأموال وصحة وحياة الناس… إنها عملت ولا تزال تعمل جاهدة على غلق ملف المحاسبة وتمييعه وإعادة كل من سرق ونهب التونسيين إلى سالف نشاطه معززا مكرما ربما مع تقديم الاعتذار له وتعويضه عما لحقه من ضرر… كما عملت ولا تزال جاهدة على إعادة سطوة العصا الغليظة للأمن على رقاب المواطنين تحت تعلات التصدي للإرهاب واسترجاع هيبة الدولة وحماية الأمنيين…. ثم إنها في الختام أغلقت آذانها عن سماع مطالب المواطنين وأشاحت بوجهها عنهم وأوصدت أبوابها دونهم واتهمتهم بالغوغائية وغياب الوطنية والتآمر على أمن البلاد والوقوع تحت غواية الإرهابيين والتقاعس عن العمل .. لقد كانت رسابة الحكومة واضحة للجميع… على الجميع من أبناء الشعب أن يتوقف عن المطالبة بأي حق من الحقوق مهما كان ذلك الحق ملحا لأن الدولة ليست جمعية خيرية وليس لها عصا سحرية لتلبية مطالب الجميع…فمن هنا وصاعدا… ليس للمواطن إلا العصا… هكذا قالها رئيس الحكومة في خطاب ال100 أمام تصفيق وتهليل وتكبير النواب… نعم نواب الشعب؟؟؟ إن كل من يقول لا لهذه الحكومة أصبح ينعت بالإرهابي … والخائن… والمتآمر … وليس له إلا القمع والسجن أو الرمي بالرصاص… حملة "وين البترول" مؤامرة ضد الدولة…. تحركات أهلنا في قفصة مؤامرة ضد الوطن… مطالبة العمال بإيفاء الدولة بتعهداتها وبالمساواة في المعاملة بين كافة القطاعات جريمة إرهابية… المطالبة بالتنمية وتوفير الشغل كفر وزندقة وإرهاب…. الإضراب والاحتجاج لم يعد أداة مقبولة للتعبير اليوم بل هي مؤامرة ضد السلطة والهدف منها ضرب شرعية الحكومة… حتى مجرد المطالبة بتوضيح بعض الصفقات أو الاتفاقات المشبوهة على غرار ما تم مؤخرا خلال زيارة "البجبوج" إلى الولاياتالمتحدة من "منح تونس صفة الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة" من خارج الحلف الأطلسي أصبح يغضب السيد الحاكم بأمره ويجعله يخرج علينا مكفهر الوجه خلال خطابه الأخير عبر وسائل الإعلام وهو يرعد ويزبد ويهدد…. نحن أصحاب الشرعية… نحن منتخبون من طرف الشعب… نحن هم الوطنيون… من يساندنا هو الوطني ومن يخالفنا هو المجرم والخائن والإرهابي والعميل …لقد تم طي صفحة الأزلام… وكذلك صفحة الثورة المضادة… كل التونسيين اليوم ثوريون… وأبناء الثورة الشرعيون… لذا يجب أن نكف عن التفكير بعقلية الثورة أو نخاف على مصير الثورة أو نشك في صدق نوايا من أوصلتهم صناديق الانتخاب إلى دفة الحكم مهما كان تاريخهم أو ماضيهم أسودا… فالصندوق كان هو الفيصل بيننا وكل من مر عبر الصندوق ونجح هو حتما صاحب الحق وله مطلق الحرية في أن بفعل ما يشاء في البلاد والعباد… فالديمقراطية عندنا هي دكتاتورية الأغلبية حتى إن كانت تلك الأغلبية لا تمثل حتى ثلث الناخبين؟؟؟ حقا إن الطريق الذي تسير فيه الأمور اليوم لا تبشر بخير لأن هذه الحكومة تريد أن تضعنا أمام خيارين أحلاهما أمر من العلقم : 1- فإما التسليم لهذه الحكومة التي تريد وبأسرع ما يمكن وفي أقل وقت العودة إلى الاستبداد والدكتاتورية لتمرير كل المشاريع والمخططات التي تستهدف بلادنا وأمنه ومستقبله …. 2- أو اندلاع ثورة جديدة قد تكون على غاية منت الدموية هذه المرة (على غرار سوريا واليمن وليبيا) ستكون وخيمة العواقب خاصة في ظل التدخل الأجنبي القوي في الشأن الوطني وتشابك المصالح بين أصحاب النفوذ والسلطة بالداخل والخارج وأطماعهم غير الخافية عن أحد بالمنطقة … إن أي حديث عن نجاح التجربة التونسية أو عن نجاح العملية الديمقراطية بها ليس سوى محاولات لاستبلاه المواطنين خاصة أولئك الذين قدموا الكثير للثورة وبنو على نجاحها الآمال العريضة… لكنهم أصيبوا بخيبة أمل أمام ما شهدته ثورتهم وكل الثورات عبر الوطن العربي من إجهاض وتركيع وسحق واستباحة… إننا اليوم وأكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى اتخاذ قرارات حاسمة… كشعب قاد ثورة عظيمة "رغم أنف من ينكرون ذلك لغايات معروفة" إلى أن تتوحد جهود جميع قواه الصادقة المؤمنة بحق هذا الشعب وقدرته على تحقيق الحرية والكرامة والعدالة والتنمية بعيدا عن الخطابات الشعبوية أو النخبوية وعن الامتلاءات الخارجية وعن المهاترات السياسية أو الإيديولوجية… على كل القوى الوطنية الصادقة أن تتصدى بكل ما لديها من قوة ومن إيمان ومصداقية وحب للوطن لهذا النهج المدمر الذي تريد أن تأخذنا إليه هذه الحكومة بسياساتها الخرقاء والخطيرة قبل أن نقع في المحظور وذلك عبر كل الوسائل المشروعة الممكنة حتى لا نفيق بعد فوات الأوان ونجد أنفسنا قد خسرنا كل شيء ودفعنا كل تلك التضحيات بلا فائدة وخنا أمانة من استشهد من أبناء هذا الوطن من أجل أن يهدينا ذلك الحلم الجميل الذي يتكالب من حوله الجميع ليحولوه إلى كابوس فضيع.