أغلقت حكومة الصيد باب الحوار واعتمدت العصا وابتزاز جيوب الموظفين الخصم من رواتب المضربين من مختلف الأسلاك مستفزة الهياكل النقابية التي اعتبرته خرقا واضحا لما تم الاتفاق عليه بين الحكومة والاتحاد العام لتونسي للشغل بشأن خصم أيام الإضراب من عدمه مؤكدة أن هذا الإجراء من شانه أن يعمق أزمة الطبقة الشغيلة بمزيد امتصاص رواتبها بصيغ وبأساليب تصب كلها في خانة إفلاس جيب المواطن وتدميره . فوجئ رجال التعليم بكل درجاتهم وهم يستلمون رواتبهم خلال نهاية هذا الشهر، باقتطاعات من رواتبهم، دون سابق إنذار، ودون إشعارهم بذلك كما ينص على ذلك قانون الوظيفة العمومية وخڷف هذا الاقتطاع استياء عميقا لدى المعلمين، خصوصا وأنهم على مشارف العطلة الصيفية ، إضافة على الالتزامات المالية. وعبر المعلمون عن استغرابهم من هذا القرار الذي وصفوه «بالجائر» في الوقت الذي كانوا ينتظرون فيه كغيرهم من أعوان الوظيفة العمومية صرف القسط الأول من المفاوضات الاجتماعية. أن هذا القرار يستهدف المعلمين في قوتهم وقوت صغارهم إذ يشكل عقابا جماعيا تجويعيا واعتداء صارخا عن الحق النقابي وتوتيرا للمناخ الاجتماعي. تم التجرؤ على جيب المعلم ومباشرة هذه المرة نعم المعلم الذي كانت بدايته المهنيّة بالأرياف وأعماق الجبال والصّحاري والذي شارك الفقراء شرب مياه الغدير والآبار والمستنقعات والذي أكل خبزا يابسا مرّ عليه أكثر من أسبوع والذي عاش في مساكن بدائية دون كهرباء ومدفأة ودون وسائل نقل حيث يقطع عشرات الكيلومترات مشيا على الأقدام والذي أنفق من جيبه ليشتري حذاء أو معطفا لأصحاب الاحتياجات من منظوريه …هذا المعلّم الذي تعلّم الصّبر وأدّى رسالته في ظروف أصعب حتّى من ظروف الجندي المحارب لا يثنيه عن عزمه في مواصلة المشوار ، لقد تم اقتطاع أجرة 5 أيام من هذا الشهر حوالي 200 دينارا دفعة واحدة لإذلاله و تركيعه فاعلم يا وزيرنا الهمام أن ليس للخوف فينا من مكان…فلسنا نحن الذين ترتعد أطرافهم توجّسا وتصفرّ وجوههم خوفا…بل نحن أول العزم الذين سيقفون بشموخ و يقتلعون جذورك من وزارة شاءت الأقدار أن تسند لك ستكون أول وزير يسجل اسمه في موسوعة قينز للأرقام القياسية في اختراق القانون و تصنيف الشهائد فشهادة ناجح بملاحظة جهلول جدا التي ستدرج ضمن الشهادات العلمية في إصلاحك التربوي الذي تنوي القيام به ،و ما اختيارك شهر رمضان لتنفيذ قرارك هو سوء تقدير منك فشهر رمضان هو شهر الصوم و التقشف نسيت أنك من خلفية يسارية و رمضان هو كسائر الأيام عندك أم أنك حسبتها و ضننت أن الخصم حلاّ لمعضلة منحة العودة المدرسية التي هي على الأبواب خاصة أن عدد المضربين كبيرا جدا وبالتالي فإن نسبة الاقتطاع كذلك ستكون مرتفعة وستوفر عليها عناء صرف منحة العودة المدرسية المنتظرة.فخططك الجهنمية التي تنم من عقلية عسكرية واضحة المعالم . إن المتتبع للشأن السياسي منذ انطلاق الثورة يري في وزيرنا البطل المعارض لحكومة الترويكا و المدافع الشرس عن منظمة الإتحاد العام التونسي للشغل والذي خاض عديد المعارك ضدّ الترويكا آنذاك قلب الفيستا فبمجرد توليه وزارة التربية تغيّر التعاطي مع الملفات الاجتماعية ومنها ملف فئة المعلمين الذين يعيشون ظروفا سيئة جدّا أهمّها تدهور مقدرتهم الشرائية في واقع تميّز بغلاء المعيشة ، فلم يعمل على حلّ مشاكل المعلمين وتمكنيهم من حقوقهم المشروعة بل عمد إلى حشد الإعلام الموالي لتأجيج الكره والحقد ضدّهم من طرف الأولياء وتقديم المعلمين كبش فداء في معركتك النقابية المشروعة «من يزرع الريح يجني العاصفة ولا مجال للسكوت فالمعلم لن يخضع أمام ضغوطكم واقتطاع جزء كبير من مرتّبه أكرّر لن يثنيه ذلك على مواصلة رفع رأسه بكلّ شرف وشجاعة ولن يُبتزّ من أيّ جهة كانت…هذا المعلّم الذي همّشتموه وشيطنتموه وحاولتم إذلاله لن يركع ولن يتراجع . النضال له ثمن، وينبغي أن تكون هناك تضحيات فكم من إضراب نفذناه زمان المخلوع كان بدون أجر ،و أن مطالب المعلمين هي "مطالب مهنية وقانونية واجتماعية كان بالإمكان معالجتها عبر مفاوضات جدية بدل اللجوء إلى تأزيم الوضع٬ وخلق توتر إضافي من خلال خرق الدستور عبر قرار الاقتطاع من الأجور " بالنظر إلى تصاعد وتيرة الاحتجاجات في قطاع التعليم الابتدائي٬ وما ينذر القادم من الأيام بانتقال عدواها إلى قطاعات أخرى٬ فهل ستضحي الحكومة بوزير التربية والتعليم وتقدّمه كبش فداء لفشلها الذريع في إدارة شؤون البلاد الأيام القليلة القادمة كفيلة أن توضح لنا هل سيبقى الوزير اليساري النشأة وفوضوي القرارات على رأس وزارة التربية والتعليم أو أنّه سيضحى به