ما حصل أمام المحكمة هو نموذج مصغر لما حذرنا منه، وتلخيص مصغر لكل التجاوزات التي فتح قانون الارهاب المجال لها: اعتقال بالشبهة ودون أدلة، تعذيب، إخفاء قسري، عدم احترام القضاء، اختطاف، ثم تأتي بعد ذلك مؤسسات الدولة لتغطي على كل هذه التجاوزات. كل النواب الذين صوتوا لهذا القانون بفصوله الغامضة ، شركاء في هذه التجاوزات التي سترتكب يوما ما ضدهم أو ضد أناس يعرفونهم. كل الأحزاب التي ساندت قانون الارهاب وأصرت على صياغاته الفضفاضة شريكة أيضا في تجاوز القانون، وخرق الدستور، وإهانة القضاء، وإذلال الانسان. أردنا قانونا لمكافحة الارهاب فجعلتموه قانونا للارهاب: مكافحة الارهاب لا تتم بتوسيع دائرة الارهاب. مكافحة الارهاب لا تكون بمساعدة الارهابيين على انتداب الغاضبين من عسف السلطة. الانتصار على الارهاب لا يتم إذا تصرفت الدولة ومؤسساتها كعصابات، بل كدولة تحترم القانون وتحرص على حماية مواطنيها وليس ترهيبهم. أما الآخرون، كل أولئك الفاشيون الذين برروا التعذيب والظلم تحت نظام بن علي، ويواصلون اليوم القيام بنفس المهمة، فنقول لهم: إذا لم تستحوا من الدفاع عن التعذيب وعن انتهاك القوانين والدستور، فنحن لن نستحي حتما من الدفاع عن حقوق الانسان والقوانين والدستور. أما الارهابيون، فلا شك أنهم سعيدون بهكذا حكومة، وبهكذا أحزاب، وبهكذا نواب، وبهكذا إعلام: اللصوص والقتلة يعشقون الحراس الأغبياء