القيروان (وات)- تفطن عدد من العمال أثناء شروعهم مؤخرا في القيام بإصلاحات لترميم جامع"نقرة" بمدينة القيروان الذي أنجز فى أواخر الأربعينات إلى وجود فتحة كبيرة تحت بيت الصلاة مكنت من اكتشاف معلم مائى فى شكل (ماجل كبير) فى حالة جيدة. وقد أقيم هذا المعلم على جدران سميكة وعلى مجموعة من الاعمدة الرخامية والتيجان المنقوشة والاقواس المبنية من الآجر القديم والنادر الذي كان أبناء القيروان يستعملونه فى البناء منذ سالف العصور. كما تم اكتشاف كميات هامة من الماء متجمعة وسط هذا الماجل الذى تبين ان تاريخه يعود الى العهد الحفصى حيث يبلغ ارتفاعه حوالي 16 مترا ويتسع إلى أكثر من 460 مترا مكعبا. ويذكر بعض المختصين فى التاريخ وشؤون العمارة الإسلامية ان هذا المعلم المائى تم تشييده قبل بناء الجامع بما يزيد عن الثلاثة قرون ويعكس فى ابعاده الصراع التاريخى المتواصل لأهل القيروان من أجل الحصول على الماء اعتبارا للظروف المناخية الصعبة الناجمة عن ندرة مياه الأمطار وعدم انتظام نزولها بالجهة. فقد كانت المنظومة المائية بالقيروان تعتمد منذ عهد بعيد على إحداث هذه المواجل داخل المساكن واستعمالها للشرب والغسيل و كذلك انجاز منشات مائية على غرار فسقيات الأغالبة التى لا يزال البعض منها إلى حد الآن مدفونا تحت الأرض. كما اتضح ان ما يروجه البعض من وجود مدينة تحت ارض الجامع لا صلة له بالواقع اذ تتواصل حاليا الترميمات بنسق حثيث يجمع بين صيانة جامع نقرة وانقاذه من مشاكل الرطوبة والترهل وبين المحافظة على هذا المعلم المائى الذي يشكل دعما جديدا للسياحة الثقافية بالمدينة وانطلاقة أخرى نحو مواصلة البحث عن كنوز أثرية دفينة ومغمورة فى تراب القيروان.