تونس (وات)- التحرير والتنوير او التحرير والتكفير والهوية والعيش المشترك وملامح من التسامح في التراث الصوفي ثلاثة محاور هامة اختار النادي الثقافي برادس من ولاية بن عروس ان يبحث في تجلياتها من خلال ندوة فكرية نظمها يوم الجمعة بدار الشعب بالمدينة بحضور ثلة نيرة من رجال الاعلام والثقافة بالجهة. ولدى تطرقه لمحور "التحرير والتنوير او التحرير والتكفير" بين محمد الحداد الباحث والمشرف على كرسي اليونسكو للاديان المقارنة ان البحث عن قواعد توافقية للتعايش السلمي شرط اساسي لتنظيم العلاقة بين الاطراف الفاعلة على الساحة اليوم في تونس مؤكدا خطورة ظاهرة التكفير ودورها في اجهاض قيم المجتمع الحداثي على غرار الحرية والتسامح والاعتدال وقبول الاخر. واستعرض نماذج لتكفير عدد من الاسماء من بين فقهاء ومفكري العالم العربي والاسلامي وفي هذا الصدد ذكر الباحث بما تعرض له كل من الطبري والغزالي وابن رشد وقاسم امين والطاهر الحداد وبورقيبة وطه حسين وعلي عبد الرازق وغيرهم من اساءة ومضايقات نتيجة افكارهم التحررية مشيرا الى ان التسامح قيمة متاصلة في تاريخ تونس حيث لم يعرف تاريخ الزيتونة مثلا تكفير احد من العلماء والمفكرين وهو ما لم يحصل مع جامع الازهر بالقاهرة. ومن جهته ابرز المحاضر محمد بالطيب ان التسامح يرتكز على الايمان بحق الاختلاف وتقبل الاخر والتعايش معه مشددا على الاثر المحمود للمتصوفة في اشاعة التسامح فكرا وسلوكا. وذكر في هذا السياق بقول علي ابن ابي طالب الداعم للتحابب والتعايش بين بني البشر كافة على اختلاف اديانهم واجناسهم واعراقهم ولغاتهم حيث يقول "الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق". وعن الهوية والعيش المشترك تحدث المحاضر سامي ابراهم ليؤكد ان هذا المصطلح يشمل بالخصوص اللغة والدين. واشار في هذا السياق الى ما يعرفه المشهد السياسي اليوم من صعود لما اسماه ب" سلفية دينية وسلفية لائكية" دعمت جدلية الفصل والوصل بين الهوية والممارسة السياسية داعيا الى ضرورة تجاوز هذه المسالة الخلافية باعتبار ان تونس وكما نص على ذلك دستورها دولة مستقلة ذات سيادة الاسلام دينها والعربية لغتها. وتركز النقاش بالخصوص خلال هذا اللقاء الفكري على دور الاعلام في اثراء الزاد المعرفي السياسي للمواطن حتى يتمكن من الحكم بوعي على الاحزاب السياسية وبرامجها وضرورة عدم السماح الى القوى الانتهازية بتوظيف خطاب الاصلاح او خطاب التحديث معا خدمة لمصالحها الانية دون تحقيق اي اصلاح او تحديث يذكر. ودعوا الى تركيز دعائم عدالة انتقالية فعلية تتوج اجلا بمصالحة وطنية من اجل بناء غد افضل لتونس. ويسجل نادي الثقافة برادس على حد تعبير المشرف عليه الاستاذ الجامعي المختص في الصيدلة عبد الرزاق الهذيلي "عودة قوية الى الحياة الفكرية بعد سنوات من الانقطاع عن العمل بسبب ما شهده الشان الثقافي بالبلاد عامة وبالجهة على وجه التحديد من جمود وتصحر لفترات طويلة" وذلك من خلال تنظيم ندوات فكرية وملتقيات وتظاهرات فنية تعنى باخر المستجدات على الساحة الثقافية الوطنية والمحلية باعتبار ان الفعل الثقافي يعد المدخل الرئيسي للتاسيس لغد افضل. وقد تضمن البيان التاسيسي الجديد للنادي ان ابرز مهام هذا الفضاء الفكري تتمثل اساسا في اعطاء الاولوية في المشروع المجتمعي المستقبلي للثقافة واحياء النشاط الفكري والفني بالمدينة التي انجبت عديد الادباء والمفكرين والشعراء الى جانب المساهمة في بلورة مشروع ثقافي وطني يقطع مع الماضي في ظل اشاعة روح المواطنة والتسامح والعيش المشترك بين المواطنين.