سيدى بوزيد (وات- تحرير شوقي الغانمي)- برزت في السنوات الأخيرة العديد من التشكيات بخصوص أداء المجامع المائية بولاية سيدى بوزيد. وأثار توقف بعضها عن تزويد مشتركيها بالماء الصالح للشرب أو الماء الخاص بالري في الأشهر الماضية الكثير من الاحتجاجات التي تطورت في عدة أحيان إلى قطع الطرقات والاعتصامات على غرار ما حدث بمنطقة السعيدة من معتمدية الرقاب خلال شهر مارس الماضي أو منطقة القصيرة من معتمدية سوق الجديد خلال سنة2011. وتواجه أغلب المجامع المائية بالجهة صعوبات تهم بالأساس غياب مراقبة الشبكة وعدم القدرة على فرض الانضباط على المنتفعين وردع المخالفين مما سهل على عدد منهم تعمد الربط العشوائى بالشبكة. وهو ما يتناقض مع الأهداف الأساسية لإنشاء المجامع ومنها تشريك المنتفعين في تطوير المشاريع المائية وضبط وتنفيذ الصيانة المتواصلة للمنشآت والتجهيزات وتنفيذ خطة منهجية للتكوين والرسكلة مع إقرار نظام متابعة وتقييم لبرنامج النهوض بالمجامع المائية. من جهة أخرى أدى عدم تجديد هيئات التصرف لبعض المجامع إلى امتناع الكثير من الحرفاء عن سداد معلوم استهلاك الماء لانعدام الثقة بين هيئة المجمع والمنتفعين وبالتالي تراكم ديون المنتفعين والعجز المالي لعدد من المجامع وعدم خلاص فواتير الكهرباء مما انجر عنه قطع هذه الطاقة عن عدد منها. ويطالب عدد من الاهالى بإعادة تأهيل المجامع وإيجاد حلول للمشاكل التي تعيق أداءها مثل الخلل بميزانيات المجامع نتيجة عدم فوترة الكميات المستهلكة لغياب العدادات وارتفاع سعر المتر المكعب من الماء المستهلك وعدم إقبال المنتفعين على العمل خصوصا بالنسبة لمجامع المناطق السقوية. ويشير محمد غانمي من منطقة القصيرة إلى أن فكرة المجامع المائية قد حادت عن أهدافها المرسومة لها وأصبحت سببا رئيسيا في تعطل مصالح المواطنين ويقول إن هذه المجامع وخاصة المجمع الذي يتعامل معه يفتقر إلى التنظيم المحكم فرغم التزام أغلب المشتركين وسدادهم لكل الاداءات يتوقف من حين لآخر تزويدهم بالماء لمدة تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من الشهر مما يجبرهم على الالتجاء لنقل المياه عبر الجرارات. اما السيد عبد الملك بالازهر فيطالب بوضع حد لتجاوزات المشرفين على المجامع على حد قوله موضحا انه قد ضاق ذرعا بالفواتير المضخمة بحجة وجود ضياع في الماء ويرفض تسديد الفائض الحاصل في الاستهلاك الذي لا دور له فيه. ويضيف انه رغم قبول الاهالى بالمعاليم المرتفعة للاستهلاك تتم إضافة معاليم أخرى من حين لآخر ورغم ذلك ينقطع التزويد بالماء على الأقل مرة أو مرتين كل ثلاثية حسب قوله. ومن جهته يذكر السيد محمد سعيدى أن الاضطراب الحاصل في التزويد بالمياه وخاصة بالمناطق السقوية قد ساهم في فشل عديد المشاريع الفلاحية التي تعتمد بالأساس على التزويد المنتظم بالماء. ويؤكد أيضا أن العديد من المنتوجات أتلفت نتيجة نقص حاد في المياه كما أجهضت العديد من مبادرات الفلاحين الشبان وذلك بسبب عدم وجود كفاءات داخل المجامع المائية من شأنها أن تضبط برنامج دقيق لعملها وتلائم بين قدرات المجامع ومطالب الاهالى. اما السيد محمود عونى أمين مال المجمع التنموي الفلاحى بالمحارزية من معتمدية اولاد حفوز الذي يعد أكثر من 700 مشترك فيشير إلى عدم قدرة الخزان الموجود حاليا على تلبية طلبات الاهالى خاصة ان حوالي 100 عائلة جديدة ترغب في الانتفاع بخدمات المجمع. ويذكر انه رغم برمجة انجاز خزان جديد الا ان الأشغال لم تنطلق بعد مما سيؤدى إلى تأزم الوضع مع ضعف منسوب البئر القديم الذي أنجز منذ 24 سنة وارتفاع استهلاك المياه خلال فصل الصيف. ويؤكد أمين المال أن تراكم ديون المنتفعين أدى إلى دخول المجمع في عجز مالي خاصة مع طول وتعقد الشبكات وحدوث عدد من الأعطال التي طالت التجهيزات مما يستوجب تدخل المجمع لإصلاحها وبالتالي تحميله أعباء مالية هو غير قادر عليها في ظل وضعه الحالي. وبدوره يتطرق السيد عبد العزيز شواشنية رئيس الجمعية المائية بمنطقة الشواشنية الذي يضم حوالي 200 مشترك إلى عدم قدرة المجمع على "السيطرة" على المنتفعين وغياب الآليات الكفيلة بردع المخالفين وتأخر استخلاص الديون المتخلدة بذمة المشتركين مما انجر عنه حسب رأيه عدم قدرة الجمعية على توسيع شبكة التزويد بالماء. كما يطالب السلطات المعنية بضرورة الإسراع في إقامة خزانات إضافية والقيام بالإصلاحات في آجالها وبحث السبل الكفيلة بتزويد الشبكات داخل المناطق الريفية النائية. ويشار في هذا الإطار أن العديد من جلسات العمل عقدت بمقر ولاية سيدى بوزيد حضرتها مختلف الأطراف المعنية وتم خلالها الاتفاق على إعادة هيكلة المجامع المائية بالجهة وتطعيمها بالعديد من الكفاءات وإمكانية جدولة ديونها المتخلدة لفائدة الشركة التونسية للكهرباء والغاز إلى جانب إيجاد صيغة مناسبة لفرض الانضباط على المنتفعين وردع المخالفين منهم وحماية الشبكات من العبث بها والربط العشوائى. وتم الاتفاق أيضا على إعداد برنامج خاص لجعل هذه المجامع توفر عددا من مواطن الشغل وتساهم في الدورة الاقتصادية بالجهة. ويذكر أن ولاية سيدى بوزيد تتوفر على 187 مجمعا مائيا منها 91 مخصصة للري و 96 مخصصة لمياه الشرب وتتركز حول المنظومات المائية المستغلة في قطاعات الماء الصالح للشرب والري والتصرف في البحيرات الجبلية وينتفع منها حوالي 200 ألف ساكن. ومن أبرز هذه المجامع يذكر مجمع التنمية الغابى ببوهدمة ومجمع التنمية بسباس الفونى ومجمع البيئة والتنوع البيولوجى ببوهدمة ومجمع التنمية النجدى "الاشراق".