قبلي (وات/ تحرير حمد التايب) - تختلف وسائل تمضية أوقات الفراغ خلال شهر الصيام من جهة إلى أخرى، فلئن وجد البعض ضالتهم في الذهاب إلى البحر أو في ارتياد الأسواق والمحلات التجارية والمنتزهات والحدائق العامة، فقد اختار كبار السن بربوع ولاية قبلي، تنظيم مباريات للعبة "الخربقة" لتتحول بذلك بعض المناطق بالجهة إلى نقاط مشهورة لتجمع الأهالي في حلقات لعب. ساحة السوق بدوز أو رصيف طريق جامع بلال بقبلي أو رحبة السوق بنقة وساحة وسط البلاد بالصابرية، من ضمن الأماكن الأكثر شهرة باحتضان هذه اللعبة صباح أيام شهر الصيام وطيلة النهار في باقي أيام السنة، وكانت قديما مباريات في، شكل مبارزة، تنظم بالجهة بين أشهر لاعبي "الخربقة" من مختلف أرجاء الولاية. وأنت تقصد حلقات اللعب هذه، تعتقد لدى اقترابك منها أنها حلقات للنقاش أو للعلم، وقد يسودك الإعتقاد بأنها موائد للأكل رغم يقينك بأنك في شهر الصيام، ويزداد هذا الإعتقاد ترسخا وأنت تستمع إلى ما يقوله هؤلاء المجتمعون من عبارات توحي أكثر فأكثر بوجود طعام من قبيل "كل أنت" أو "لا تأكل بهذا بل كل بهذا". ولما تقترب أكثر تكتشف أن معنى "الأكل" في هذه الحلقات لا يتعلق بالطعام بل باللعبة الأكثر شعبية لدى كبار السن بالجهة إلا وهي "الخربقة"، والمقصود ب"الأكل" هنا هو "الكلاب" وهي العدد من الحجارة المخصص لكل لاعب من اللاعبين الاثنين الذين يخوضان جولة اللعبة. وأوضح الحاج علي الساسي من متساكني الحي القريب من جامع بلال بمدينة قبلي لمراسل (وات) أن هذه اللعبة تعتبر الأكثر شعبية بنفزاوة خاصة لدى كبار السن الذين ورثوها أبا عن جد، حيث تعلمها هو مثلا (البالغ من السن 76 سنة) وهو في سن الخامسة عشر بساحة السوق بالصابرية أين كان يجتمع الشيوخ للعب. وأضاف موضحا طريقة لعبها وعلاقتها ب"الأكل"، أن الجولة تجمع وجوبا لاعبين اثنين لكل منهما 24 "كلبا" والكلب هنا ليس سوى قطعة من الحجارة التي يجب أن تكون ذات لونين وعادة ما تكون من الحجارة البيضاء والآجر لكي يعرف كل لاعب "كلابه"، ويكون وضع الحجارة بالتناوب اثنين اثنين على "الخربقة" التي ترسم حفرا في التراب وتتكون من 49 "دارا" والدار هنا هي الخانة المخصصة ليضع كل لاعب حجره. ويتوسط الخربقة "دار" تردم بالتراب تعرف بدار "المالح" تكون نقطة الانطلاق إثر وضع كل من اللاعبين حجارته كاملة. وواصل حديثه عن اللعبة، قائلا أن اللاعب الذي ينطلق في وضع حجارته ثانيا في اللعبة، له الحق في أن يطالب بتعويض عن "كلاب الهافة" والمقصود بالهف في اللعبة كل كلب أو حجارة يتمكن اللاعب من تحريكها في ثلاثة خانات متتالية دون أن يتمكن اللاعب الثاني من إيقافها أو أكلها نظرا لكونها محمية من باقي الحجارة والحجر الهاف يتم إزالته من الخربقة من قبل صاحبه على أن يخرج اللاعب الثاني مقابل كل حجر هاف، حجرين اثنين. وبين أن حركات هذه اللعبة ونظام لعبها يشبه إلى حد كبير لعبة الشطرنج، ويجب أن يكون اللاعب بقدر كبير من الذكاء لاختيار أماكن وضع الحجرات وعددها 24. وتحدث الحاج علي عن تاريخ تواجد اللعبة بالجهة قائلا انه وفق لما يروى فان تاريخها يعود إلى الحقبة الهلالية حيث توجد في بعض الأماكن بصحراء الجهة بعض الآثار الهلالية ومن ضمنها نحت للعبة "الخربقة" على الحجارة مشيرا إلى أن من ابرز المناطق التي اشتهر أهلها بإجادتها، منطقتي دوز والصابرية. وأوضح الأستاذ والمؤرخ بالجهة محمد الأمين محجوب لمراسل (وات) انه لا يمكن إعادة هذه اللعبة إلى تاريخ زمني محدد حيث أنها من اللعب التقليدية المتوارثة بالجهة منذ القدم وتعتبر من أكثر الألعاب انتشارا.