تونس (وات) - قال رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر إن دستور تونس الجديد "لن يكون دستور أي حزب، بل سيكون دستور كل التونسيين والتونسيات والأجيال الحاضرة والقادمة وصورة صادقة لطبيعة المجتمع التونسي المسلم، بتكريس الطابع المستنير للإسلام وتجاوز التشدد الذي يريد فرضه السلفيون المتطرفون"، على حد تعبيره. وأكد بن جعفر في كلمة حول "الانتقال الديمقراطي في تونس" ألقاها يوم الأربعاء 5 سبتمبر بمقر مؤسسة "برونو كرايسكي لحقوق الإنسان "بالعاصمة النمساوية فيينا، حرص المجلس التأسيسي على احترام المواعيد المتفق عليها، حيث ستكون صياغة الدستور قبل نهاية السنة الحالية، مبرزا الحرص على تاريخ 23 أكتوبر 2012 كموعد للانتهاء من صياغة بنود الدستور بشكل نهائي. وبين أن التأسيسي أمام مسؤولية تاريخية جسيمة في كتابة دستور "يحفظ قيم الجمهورية ويصون المكاسب ويحافظ على الثوابت الأساسية للشعب التونسي ويضمن الحقوق ويؤسس لدولة القانون ويحقق استحقاقات الثورة في الحرية والكرامة والعدالة والمساواة ويؤمن التداول السلمي على السلطة". ولاحظ رئيس المجلس أن تونس تخوض اليوم تجربة عميقة في فتح أبواب الحوار الوطني الشامل ووضع أسس التوافقات الكبرى حول المسائل الجوهرية، قائلا: "نحن في مرحلة إعادة بناء للوحدة الوطنية، لا على أساس النمذجة الاجتماعية والسياسية بقوة السلطة وخياراتها الفوقية واعتماد الإقصاء، بل من خلال التوافق والحوار والتعايش بين مختلف الحساسيات الفكرية والاجتماعية والقبول بالتعددية والعدل بين كافة الجهات والفئات". ولدى تطرقه إلى التجربة التونسية في الانتقال الديمقراطي أوضح بن جعفر، أن تونس "تعيش منذ نجاح الثورة في إجبار الطاغية على الهروب، مرحلة انتقالية دقيقة سيطرت عليها عدة هواجس" حسب تعبيره، مبينا أن الثورة "لم تأت من عدم، إذ سبقتها ومهدت لها نضالات مشهودة وتضحيات جسيمة، ساهمت فيها كل العائلات الفكرية والتنظيمات السياسية والنقابية والحقوقية على مدى أجيال متعاقبة". وقال في هذا السياق "إن الفضل يبقى لشباب تونس الذي " قام بثورة نموذجية سلمية وحضارية راقية وخلاقة وفريدة من نوعها". ودعا رئيس المجلس في كلمته هذه، إلى مزيد دعم التعاون والوقوف إلى جانب الشعب التونسي "الذي ضحى بكل ما لديه من أجل إرساء دولة تقوم على الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والقضاء على الظلم والاستبداد وتحقيق التوازن الاجتماعي وإرساء دولة القانون والمؤسسات على أسس المعايير الدولية". واختتم بن جعفر كلمته قائلا: "إن التخلص من المستبد الطاغية لا يعني الخلاص من منظومة الاستبداد"، مشير إلى أن هذا الوضع يتطلب من التونسيين "يقظة مستمرة حتى يحققوا أهداف ثورتهم ويقطعوا نهائيا مع الاستبداد والفساد". ودعا كذلك أصدقاء تونس المتحمسين لثورتها إلى أن "يقيموا بموضوعية الإنجازات والنقائص في هذا الظرف الدقيق ويقدموا الدعم المناسب في الوقت المناسب، بمساعدة الشعب التونسي على تحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود".