تونس 8 افريل 2010 (تحرير وات/ضحى طليق) يعد الوفاء الدائم لشهداء الكفاح الوطني والاجلال الكبير للمقاومين والمناضلين وقادة الحركة الوطنية وزعمائها قيمة أساسية وثابتا جوهريا ضمن خيارات تغيير السابع من نوفمبر الذي أعاد الاعتبار لرموز الحركة التحريرية الوطنية، وجسم الوفاء لتضحيات اجيال متعاقبة من التونسيين من اجل وطن حر منيع. ومن تجليات هذا الوفاء الحرص على الاحتفال بالمحطات المضيئة في تاريخ تونس والمتوهجة بمعاني التضحية والفداء، ومن بينها حوادث 9 أفريل 1938، التي يحيي الشعب التونسي يوم الجمعة بفخر واكبار ذكراها الثانية والسبعين، وهي التي تمثل إحدى الملاحم الوطنية المجيدة التي هب فيها التونسيون من مختلف الفئات والجهات انتصارا لمبدأ الاستقلال الوطني. فقد كانت هذه الاحداث منعرجا حاسما في تاريخ الكفاح الوطني وكرست اجتماع كلمة التونسيين لاول مرة حول اهداف موحدة من اجل نيل الحرية والسيادة والاستقلال، لاسيما من خلال المطالبة بانتخاب برلمان تونسي. وهي مطالب قابلتها السلط الاستعمارية بالقمع والتعسف مما اسفر عن سقوط عديد الضحايا المدنيين وايقاف عدد من زعماء الحركة الوطنية. وتكريسا للوفاء لهذه التضحيات الجسام يحرص الرئيس زين العابدين بن علي في كل المناسبات الوطنية على تأكيد الاهمية الحيوية لاستحضار الارث النضالي الزاخر بالأمجاد من أجل استرداد السيادة الوطنية وابراز الدور الريادي لجيل الاستقلال لما بذله من جهود لتركيز اسس الدولة الحديثة ودفع مسيرة النماء. وقد جاء اشراف الرئيس زين العابدين بن علي يوم الثلاثاء 6 أفريل بالمنستير، على موكب إحياء الذكرى العاشرة لوفاة الزعيم الحبيب بورقيبة ترجمة صادقة لما يتحلى به رئيس الدولة من خصال إنسانية رفيعة وروح وطنية صادقة قوامها الاعتراف بالجميل والاقرار بالفضل لكل من ضحى في سبيل الوطن وفي مقدمتهم الزعيم الراحل الذي أحاطه سيادته بكل الرعاية والتبجيل وبوأه المكانة الرفيعة التي هو بها جدير تقديرا للتضحيات الجسام التي بذلها هذا الزعيم المصلح في سبيل الاستقلال وبناء الدولة الحديثة. إلى ذلك فإن عناية قيادة البلاد بجيل الكفاح التحريري تبرز ايضا من خلال احداث مجلس استشاري للمقاومين والمناضلين يستأنس الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي بآراء أعضائه في ما يضبطه من توجهات. وقد تحول هذا المجلس بإذن من الرئيس بن علي سنة 2008 بمناسبة موءتمر /التحدي/ إلى مجلس للمقاومين وكبار المناضلين، بهدف تمكين أعضائه من أن يكونوا بصفتهم تلك أعضاء باللجنة المركزية للتجمع ويواصلوا البذل والعطاء لتكريس المشروع الحضاري للتغيير. وفي سنة 1990 أحدث المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية، الذي من مهامه تدوين المعطيات والمعلومات المتعلقة بتاريخ هذه الفترة المتميزة في حياة الشعب التونسي وزعمائها وتجميع المصادر والمراجع والدراسات الخاصة باشكال مقاومة الاستعمار، وتوثيق كل ما توفر حولها من شهادات مناضلين وشهود عيان.
كما تتجلى مظاهر العرفان لشهداء الكفاح التحريري وزعمائه من خلال الحرص على صيانة اضرحتهم في مختلف الجهات وإقامة متحف تخليدا لذكرى الزعيم بورقيبة في روضة آل بورقيبة بالمنستير، إلى جانب إعادة تهيئة ضريح المناضل النقابي الوطني الزعيم فرحات حشاد بساحة القصبة بالعاصمة. ويمكن استقراء ملامح توجهات قيادة التغيير وقراراتها المحملة بأصدق معاني الوفاء والاجلال لكل من ناضل وضحى في سبيل الحرية والكرامة والاستقلال من خلال مضامين الخطاب السياسي للرئيس زين العابدين بن علي في أكثر من محطة وطنية، ومنها تاكيده في الذكرى الرابعة والخمسين للاستقلال إن "الاعتزاز بالارث النضالي الزاخر بالأمجاد لا يوازيه إلا إدراكنا للمسوءولية الملقاة على عاتقنا من أجل الحفاظ على هذا الارث وترسيخ قيمه باستمرار". وتجسد هذه المقولة ايمان رئيس الجمهورية بأن المحافظة على أمانة الاستقلال، وترسيخ دعائمه رهان دائم ثابت لا يقبل السكون أو الركون لما تحقق، وإنما يستدعي من جميع التونسيين يقظة مستمرة، وتحفزا لا ينقطع، ومثابرة على البذل والانجاز والاضافة والافادة في كل الميادين. واستنادا الى هذه الروءية التي تعتبر مكسب الاستقلال رهان المستقبل، تتالت منذ سنة 1987 المبادرات الاصلاحية الرامية الى ترسيخ أركان دولة القانون والموءسسات وتعميق الخيار الديمقراطي التعددي وتمتين قاعدة الاقتصاد الوطني. ومن الفضائل الاساسية لتلك الخيارات الاصلاحية كونها حققت على أرض الواقع، مثلما رسخت في وجدان التونسيين والتونسيات، معادلة متكاملة الأبعاد قوامها الوفاء لتضحيات الأجيال المتعاقبة ومنجزاتها من جهة، والتطلع الجماعي من جهة أخرى إلى توطيد مقومات المناعة والاستقلال وتعزيز أسباب الرقي والرفاه. وان استحضار التونسيين اليوم لمعاني التضحية من اجل نيل الاستقلال والمثابرة فى بناء الدولة الحديثة، لا يضاهيه الا اعتزازهم بان التغيير الذي قاده الرئيس زين العابدين بن على اتى امتدادا وتواصلا لتطلعات الشهداء والمقاومين وقادة الكفاح الوطني ورواده المصلحين. ومما يعطى هذه المشاعر كل دلالاتها ان تونس تشهد اليوم مع الرئيس زين العابدين بن على اطول وازهى فترات استقرارها السياسي ورقيها الاجتماعي ورفاهها الاقتصادي، حيث تشبع التونسيون بقيم العمل والمثابرة، واكتسبوا قدرة فائقة على مجابهة المصاعب بعقلية البناء وروح المغالبة ورفع التحديات من اجل تعزيز مقومات السيادة وتمتين دعائم المناعة والعزة.