تونس 17 ماي 2010 (وات)- تتوفر فى تونس اطر تشريعية وتنظيمية وحوافز عديدة أكسبت العمل التطوعي بعدا مؤسساتيا يجد ترجمته اليوم في انتشار الجمعيات وفى تنوع مجالات تدخلها مواكبة لارتفاع مستوى عيش التونسيين وتحسن نوعية حياتهم. وقد اقترن هذا الواقع الاجتماعي الجديد الذي يعد ثمرة اصلاحات شاملة لكل المجالات، بحرص ثابت منذ تحول السابع من نوفمبر على إشاعة مبادىء التطوع والتعاون والتضامن، وعلى تأصيل قيم المواطنة والمشاركة في الشأن العام. ويأتي فى هذا الإطار قانون العمل التطوعي الذي تولى رئيس الجمهورية ختمه يوم الاثنين، ليمثل مرحلة جديدة فى تعزيز التماسك بين مختلف الفئات ويدعم التقارب والتعارف بين الشباب ويحفزه الى الانخراط في ميادين النشاط الاجتماعي المنظم من أجل معاضدة جهود التنمية وخدمة الصالح العام. ويهدف هذا القانون إلى توضيح أهداف العمل التطوعي في إطار الجمعيات، وضمان عدم التداخل مع القانون الأساسي لها وذلك بإقرار التعاقد كمسلك وحيد للمشاركة في الانشطة التطوعية بما يضمن حقوق المتطوع والمنظمة، ويضبط الواجبات في إطار تشاركي يدعم نسق التنمية البشرية في مجالات متنوعة. ويضطلع الناشطون في الحقل الجمعياتي الوطني بدور ريادي في تأمين أو في أسباب الإحاطة بمختلف الفئات الاجتماعية، ولا سيما ذات الاحتياجات الخصوصية. وفى هذا الصدد تقدم تدخلات جمعية "بسمة" للنهوض بتشغيل المعوقين، التي ترأسها السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الدولة، خير مثال على التكفل بالاشخاص الحاملين لاعاقة وتيسير اندراجهم فى الانشطة المنتجة. فالجمعيات التي ارتفع عددها فى تونس الى 9517 جمعية فى افريل 2010 مقابل 1976 جمعية سنة 1987 تمثل اليوم رافدا أساسيا لجهود الدولة فى تحقيق اهداف التنمية وفى مزيد الارتقاء بمختلف شرائح وفئات المجتمع إلى أعلى المراتب وفقا للأهداف التي رسمها الرئيس زين العابدين بن على فى برنامجه للمرحلة القادمة. ويعد تعزيز فضاءات الحريات السياسية والفكرية وتوسع دائرة المشاركة فى الشأن الوطني، الملمح الأبرز والمؤشر الأكثر دلالة على ما تعيشه مكونات المجتمع المدني من حيوية، وهو ما يجسمه تعدد الجمعيات ويترجمه التطوع المتزايد للكفاءات الوطنية فى خدمة الصالح العام فى سائر المجالات التنموية والعلمية والاجتماعية والخيرية بكامل التراب الوطني. وقد تكرس مفهوم حرية إحداث الجمعيات بتنقيح القانون المتعلق بالجمعيات سنة 1992، ليصبح احداث الجمعيات غير خاضع لموافقة السلطة التنفيذية من خلال حذف الترخيص المسبق وتعويضه بتصريح. وفى ذات السياق بادر رئيس الجمهورية بطرح قيمة التبرعات المسندة الى الجمعيات من قاعدة الاداء على الارباح، فضلا عن قراره إحداث نظام القروض الصغيرة التى يقدمها البنك التونسي للتضامن حيث تم تكليف جمعيات باسناد هذه القروض ضمن برامج الادماج الاقتصادي والاجتماعي للفئات ذات الدخل الضعيف. وتركز العمل تبعا لذلك على احداث جمعية تنموية مختصة باسناد القروض الصغرى فى كل معتمدية. وتشجيعا على احداث جمعيات لنشر الثقافة الرقمية اقر سيادة الرئيس اسناد منحة قيمتها 5000 دينار وايواء مجانيا للجمعيات التى تنجز موقع "واب" يتضمن محتويات وطنية ذات صبغة ثقافية او تربوية او علمية او ترفيهية، الى جانب منح حوافز وتشجيعات للجمعيات التى تضيف الى انشطتها المادية انشطة وبرامج لامادية ومواقع جديدة على الشبكة. كما أن من شأن الجمعيات والمنظمات استقطاب المشاركين من خارج منخرطيها لتنفيذ برامجها ذات المصلحة العامة وذلك عبر اليات تشجيع وحوافز وضمانات واضحة على غرار برنامج الوطني للخدمة المدنية التطوعية الذي اذن به رئيس الدولة في 2009 وسيتم العمل في هذا الاطار على استقطاب حوالي 10 الاف من حاملي الشهادات العليا للعمل لفائدة الجمعيات عبر صيغة التعاقد وبتمويل من صندوق التشغيل 21/21 لمدة 12 شهرا بما يسمح للشباب من التمرس المهني وللجمعيات من تعزيز امكانياتها الذاتية على مستوى الخدمات والموارد البشرية.