سيدي بوزيد 12 ديسمبر 2010 (وات)- //أسود سويد في رأس عويد.. جيت انشاغيه(أخاطبه).. حط حواليه.. قول بركة قول اثنين قول ثلاثة قول أربعة قول خمسة...// تلك هي بعض المقاطع من الأصوات والنغمات التي تردد أثناء عملية جني الزيتون بجهات الوسط وبالتحديد في ولاية سيدي بوزيد. وترافق هذه العملية عادات وتقاليد كثيرة منها ما اندثر بتأثير الزمن واستعمال الآلات الحديثة ومنها ما هو باق وراسخ فأساس هذه العادات المشاعر الإنسانية النبيلة وقيم التضامن والتعاون باعتبار ان جني الزيتون يقترن بالتعب والعمل الشاق اضافة الى تزامنه مع برودة فصل الشتاء ويستوجب بذلك تكاتف الجهود وهو ما أدى الى نشأة فكرة /العرافة/ ومعنى ذلك أن تتجمع عدة أسر لجني الحقل تلو الاخر. وتصاحب العرافة طقوس وعادات كثيرة تعكس مدى التماسك والانسجام بين الأسر حيث يسعى صاحب /العرافة/ إلى توفير الظروف الملائمة وتهيئة الأجواء المريحة للجني من ذلك تحضير الأكلات التي قد تتغير حسب مقدرة العائلة لكنها تبقى دائما ذات نكهة خاصة. وتصاحب عملية الجني كذلك عديد الأهازيج التي تعلو من هنا وهناك فتزيد من حماسة المجموعة وقد تقام بين الفينة والأخرى مباريات بين الحاضرين وخاصة بين القائمين بالتقاط حبات الزيتون المتناثرة في الأسفل وبين أولئك الذين يقومون بالجني في أعلى الشجرة. وتكون عمليات الجني ايضا فرصة للالتقاء والتعارف بين أفراد العائلات لاسيما من الشباب والفتيات، تنسج أثناءها عديد مشاريع الزواج. ويظل قدوم موسم جني الزيتون مدعاة للبهجة والفرحة في قلوب الفلاحين الذين يعكس اتجاههم إلى هذا النمط من الفلاحة رغبة في الاستقرار والابتعاد عن الارتحال بحثا عن المرعى حيث كانت الظروف الطبيعية وتعاطيهم تربية الماشية والإبل والغنم والماعز تجبرهم على الانتقال من مكان إلى آخر. ومع بداية القرن العشرين بدأ متساكنو سيدي بوزيد في غراسة الزياتين واكتساب عادات وتقاليد أهلتهم لتصدر المراتب الأولى وطنيا في إنتاج الزيت حيث تجاوزت أشجار الزيتون حاليا السبعة ملايين على مساحة تبلغ 269 ألف هك وتمثل 87 بالمائة من الأشجار المثمرة. وتحتل غابات الزيتون بالجهة 46 بالمائة من جملة المساحات الصالحة للزراعة. كما يوفر القطاع أكثر من 3 ملايين و500 الف يوم عمل ويقدر معدل إنتاج الزيتون خلال هذا الموسم بأكثر من 87 ألف طن من زيتون الزيت و1234 طن من زيتون مائدة. وتعد الولاية 105 معاصر تصل طاقة تحويلها إلى 2913 طنا في اليوم في حين تصل طاقة التخزين بالجهة إلى 10345 طنا. ويذكر ان مناطق المكناسي وأولاد حفوز والرقاب وسيدي علي بن عون تشتمل على عديد أشجار الزيتون المعمرة التي تجاوزت أعمارها المائة سنة ومازالت حتى الآن تنتج بصورة طبيعية.