أكّدت الأستاذة مريم التواتي بوعصيدة، المحامية والناشطة في المجتمع المدني، في حوارها مع إذاعة "موزاييك"، أن ظاهرة السحر والشعوذة لا تزال متفشية في المجتمع التونسي، مؤثرة على حياة المواطنين بشكل مباشر وغير مباشر، رغم التقدم الزمني ووجود قوانين لحماية الأفراد من الجرائم الأخرى. وقالت بوعصيدة إنّ الكثير من المواطنين يتعرضون لعمليات احتيال وابتزاز باسم السحر والشعوذة، حيث يقوم بعض المشعوذين بإيهام الضحايا بتحقيق ثروات أو تلبية رغبات مقابل دفع أموال أو ممارسة علاقات جنسية. هذه الممارسات، رغم أنها لا يُنظمها نص قانوني صريح، غالبًا ما تقترن بجرائم أخرى مثل التحرش، الاغتصاب، الاعتداء الجسدي، أو استغلال القاصرين، ما يجعل القانون التونسي قادرًا على محاسبة الجناة بموجب فصول أخرى مثل الفصل 201 من المجلة الجزائية المتعلق بالتحايل. وأضافت بوعصيدة أنّ الصعوبات الكبرى تكمن في تحرج الضحايا من الإبلاغ عن هذه الجرائم، سواء بسبب الإحراج الشخصي أو الخوف من الردود الاجتماعية، ما يجعل الظاهرة مستمرة ومتفشية. وأشارت إلى أنّ النيابة العمومية هي الجهة المخوّلة لتكييف الوقائع القانونية وتحريك الشكايات ضد مرتكبي هذه الجرائم، سواء في مرحلة التحقيق أو أمام المجلس الجنائي. كما نوّهت المحامية بأنّ التشريع التونسي الحالي لا يحتوي على نص خاص ينظّم السحر والشعوذة، رغم تقديم مقترح قانون في 6 مارس 2024 ينص على عقوبات جزائية صارمة للحد من هذه الممارسات. وأكدت أنّ وجود قانون واضح سيُساهم في حماية المواطنين، والحدّ من آثار هذه الظاهرة على المجتمع التونسي، التي تتعدى كونها مجرد خرافة إلى مصدر حقيقي للضرر النفسي والاجتماعي والقانوني. وختمت الأستاذة بوعصيدة بالتأكيد على أنّ التوعية القانونية وتشجيع الضحايا على الإبلاغ عن الانتهاكات تعتبران خطوة أساسية لمكافحة الظاهرة، مشددة على ضرورة أن تتحمل السلطات مسؤولياتها في سنّ تشريع صارم يحمي المواطنين ويعاقب المتورطين في هذه الجرائم.