هو اليوم الثاني من شهر رمضان والطقس كان حارا نسبيا مقارنة بالأمس وحركة البيع والشراء على أشدها في الأسواق ومحيطها قبل ساعة أو أكثر من موعد الإفطار.. كل الخطى اتجهت نحو الأسواق لاقتناء ما لذ لإشباع شهوة العين في انتظار إسكات جوع البطن قبل أن تتحول الخطى حثيثة إلى محلات بيع الخبز، إلى المخابز حيث تمتد من الآن الطوابير إلى الشارع مع ما يتخللها من تلاسن بين الحرفاء، هذا محشش وآخر يناقش دون اهتمام حتى يقتل الوقت ولا يعنيه لا الحبيب الصيد والاستقالة ولا الحكومة حتى يحين موعد الإفطار المقدس.. المشهد يكاد يكون يوميا في رمضان وخطوات الصائمين تعرف وجهتها مسبقا دون عناء فتحدث الاختناق المروري والاكتظاظ والطوابير وتصنع الأزمة من لا شيء لمجرد الشهوة وكأن شهية تناول الخبز لا تستفيق إلا في رمضان لدى الباعة الذين حولوه إلى نقطة ضعف للحرفاء فيتفننون في الأشكال والألوان من المستدير إلى الطويل ومن" المبسس" إلى العادي و"على كل لون يا كريمة"، وكذلك الحرفاء الذين يغريهم ذلك وتملأ رائحة الخبز أنوفهم وأدمغتهم التي لعبت بها الحشيشة فيرضون بالانتظار في الطوابير للحصول على الخبز والعودة به إلى مائدة الإفطار شهيا ...طريا...لذيذا.. حكاية خبز رمضان لا يعرفها ولا يتقنها إلا التونسي ولا تستقيم معها الحملات التوعوية بعدم التبذير ولا الصحية لتجنب كثرة المنكهات في الخبز،فكأني بالمشهد هو ذاته منذ سنوات طويلة بل لعله تطور لنرى الحرفاء زرافات ووحانا يغادرون المخابز محملين بكميات من الخبز تفوق حتى معدلات استهلاكهم له ليطبع ذلك كله هذا الشهر.. من قال إن التونسي في العموم يكره التبذير؟ أو ليست كميات الخبز الملقى في حاويات الفضلات خير دليل؟ اخرجوا إلى المخابز قبيل الإفطار وسترون.....