لمن لا يعرف معنى "الاناركية" -تُدعى أيضا "اللاسلطوية" – ، هي فلسفة سياسية تعتبر أن الدولة غير مرغوب فيها وليست ذات أهمية و هي مضرّة للمجتمع, وهي بالتّالي تروّج لمجتمع بلا دولة و تسعى إلى "تحجيم" أو، إلى حدٍّ ما ، إلغاء تدخل السلطة في الحياة الفردية ، وتوصف ‘الأناركية' عامة بأنها "اليسار المتطرف" ،وهي ككتلة تؤمن بحكم الشعب نفسه لنفسه بلا طبقات ولا حكام ولا نظام ولا بنوك ولا رأسمال.. لم نطرح تعريف "الاناركية" من عدمٍ أو بشكل اعتباطي، وإنما ارتأينا تبيان مفهومها قبل أن نلفت إلى أن هذه الحركة التي تدعو إلى الفوضوية تسجّل حضورها في تونس! ولئن لم يكشف متّبعو هذه الفلسفة اللاسلطوية عن أنفسهم بشكل صريح ومعلن ، بيد أنهم خرجوا لأكثر من مرة في تحركات احتجاجية -لسبب أو لآخر- ورفعوا خلال تحرّكاتهم شعارات تدعو "إسقاط النظام" أو "إسقاط السلطة" ، رافعين راية "الاناركية" وهي عبارة عن مستطيل مقسوم بأحد قطريه جزءٌ باللون الأحمر القاني ، يرمز إلى ‘الدّم' ، وجزءٌ بالون الأسود يشير إلى العدائية والفوضوية ، يتوسّط الراية حرف A اللاتيني الذي يمثّل الحرف الأول من كلمة anarchism تحدّه دائرة . ولعلّ آخر التحركات الإحتجاجية التي رفعوا فيها رايتهم وشعاراتهم كانت الاحتجاجت الأخيرة التي تقودها أطراف منظماتية على رأسها منظمو حملة ‘فاش تستناو' وأطراف سياسية بالأساس في مقدّتها الجبهة الشعبية .. تحرّكات خرجت متنكرة بجلباب التنديد بالزيادات في الأسعار التي تثقل كاهل المواطن التونسي البسيط ، وهي في الأصل حملات منظمة الغاية منها إرباك الوضع لتحقيق غايات ومصالح سياسية بحتة وهو ما تجلّى من خلال الشعارات المرفوعة. أمام المسرح البلدي بالعاصمة، جلجلت أصوات ثلة من الشباب عالية تدعو إلى إسقاط الحكم، رافعين الراية "السوداء والحمراء" على بعد خطوات من وزارة الداخلية ، في تحدّ صارح للسلط السيادية ، الأمر الذي طرح عديد التساؤلات حول "من يكون هؤلاء؟ ما غايتهم من اتّباع هذه الفلسفة؟ وما الذي يسعون إليه ، سيما وأن هذه الفلسفة كانت قد برزت في أول ظهور لها للتصدّي للفاشية ، وكأننا بهؤلاء الشباب يريدون تبلسغ رسالة مفادها أن الحكومة في تونس "فاشية" . في الصورة ، يظهر الشاب الناشط في المجتمع المدني حمزة العبيدي ، رافعا راية الاناركية ، وبالرجوع إلى حسابه على موقع التواصل الإجتماعي فايسبوك نتبين أنه سبق له أن نشر صورة لأمنيّ يقف إلى جانب سيارة شرطة رُسم فوقها شعار "الاناركية" ، في خلفية حسابه . وأثناء حضوره مؤخرا في برنامج على قناة التاسعة الخاصة، أقرّ العبيدي بصريح العبارة بأنه لا يعترف لا بالحكومة ولا بوثيقة قرطاج ولا بأيّ حد في السلطة من الأساس.