لئن قامت ثورة الحرية و الكرامة على غضبة شبابية بالأساس غايتها القطع مع التقييد والتهميش والتفقير والتحقير .. إلى غير ذلك من الممارسات التي كبّلت أيدي الشباب وحالت دون تمكينهم من أن يصبحوا عناصر فاعلة في المجتمع كما يطمحون إليه.. و عن سوء تقديرٍ من الحكومات المتعاقبة بعد الثورة، فقد تم غضّ الطرف عن عنصر الشباب و لم يتم ايلاؤه الإهتمام المرجوّ والمنتظر ، بالرغم من أنه هو الذي أجج شرارة الثورة .. لعلّ الآمال التي كانت معلقة ممّا سيفضي إليه المؤتمر الوطني للشباب الذي انعقد في موفى سنة 2016 تحت شعار "مستقبل بلادنا في إيدين شبابنا"، بعد أشهر طويلة من التحضيرات والندوات والورشات في مختلف أنحاء البلاد، في خطوة لإعادة الثقة بين الشباب ومحيطه السياسي والمجتمعي، بيد أن مخرجات المؤتمر كانت دون المأمول. ويناهز عدد العاطلين عن العمل ، اليوم، ال628 ألف عاطلٍ ، 40 % منهم من حاملي الشهائد العليا، وفق ما كشفه وزير التكوين المهني والتشغيل فوزي عبد الرحمان . وأشار ، الوزير في تصريح إذاعي الاثنين 15 جانفي 2018، الى انه يتم كل سنة ومنذ 7 سنوات تسجيل 45 ألف طالب شغل جديد منهم 33 ألف من حاملي الشهائد، قائلا: «الي ماعندهمش شهائد يلقاو خدمة أسرع من الأخرين». وأشار أن الدولة لديها 3 آليات تشغيل تتمثل في عقود التربص في الحياة المهنية «أس إي في بي»، عقد الكرامة والخدمة المدنية التطوعية. ومن جهة أخرى، قال وزير التكوين المهني والتشغيل ان الحكومة تتجه نحو إحداث قطاع جديد «قطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني» وهو قطاع غير القطاعين العام والخاص، مُضيفا أن هنالك «مشروع قانون جديد يتعلق بهذا القطاع وأيضا مشروع آليات تمويل جديدة متعلقة به». وكان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي قد أعلن ، الأحد 14 جانفي 2018 على هامش الاحتفال بالذكرى السابعة لثورة 14 جانفي بحيّ التضامن، عن جملة من الإجراءات الجديدة لصالح الشباب والطبقة الفقيرة. و تعهد السبسي، في هذا الصدد، بأن يكون 2018 عام الاهتمام بالشباب. وأردف موجها كلمته إلى الشباب "بلادكم ليست لديها إمكانيات كبيرة، لكن لديها شعب حي، صحيح أن إمكانياتنا متواضعة لكن يجب أن نعرف كيف نتصرف فيها". وأكد قرب بدء العمل ب"صندوق الكرامة" الذي يهدف إلى مساعدة جميع العائلات الفقيرة"، مُعتبرا في نفس الوقت أن الإجراءات المُعلن عنها السبت، تبقى "أحسن من لا شيء". وكانت الحكومة قد أعلنت مساء السبت عن حزمة من الإجراءات الاجتماعية، في مسعى لاحتواء الاحتجاجات الشعبية على غلاء المعيشة، ولامتصاص غضب الشارع الذي عكسته الصدامات العنيفة التي عرفتها البلاد خلال الأيام الماضية. وكشفت رئاسة الحكومة "إستراتيجية وطنية لمقاومة الفقر والإدماج الاجتماعي في أفق 2020" تضمنت جملة من الإجراءات الاجتماعية. وتمحورت هذه الإجراءات حول "ضمان دخل أدنى قار للعائلات الفقيرة"، و"ضمان التغطية الصحية لكل التونسيين"، و"المساعدة على توفير السكن اللائق للعائلات". وبالتوازي، سيتم إحداث صندوق ضمان القروض السكنية لفائدة ذوي الدخل غير القار الذين يبلغ عددهم حوالي نصف مليون مواطن لضمان سكن لائق لكل عائلة. وجاء الإعلان عن هذه الإجراءات بعد ساعات من انتهاء الاجتماع الثاني للأحزاب الموقعة على "وثيقة قرطاج" التي انبثقت عنها الحكومة الحالية.