تعتبر الانتخابات البلدية القادمة أول انتخابات بلدية حرة وشفافة، حيث لم يكن بالإمكان قبل الثورة حصول انتخابات تستجيب لكل المقاييس الديمقراطية وبالتالي هي أول انتخابات بلدية حقيقية بعد الاستقلال. و لئن بدأت بعض الأحزاب في بسط إستراتيجياتها ، إستعدادا "للحرب الإنتخابية " إلاّ أن أحزابا أخرى إرتأت ان موعد الانتخابات غير مناسب و لا يتلاءم مع الظراف الحالي ، داعية في ذات السياق الى ضرورة التأجيل. ويرى متابعون للشأن السياسي أن هناك أحزابًا تُعطي لهذه الانتخابات اعتبارا خاصا تلك المرشحة أكثر من غيرها للفوز بهذا الاستحقاق على غرار النداء والنهضة ، ويرى البعض الآخر أن هناك من الأحزاب من لا تمتلك الرغبة في انجاز هذه الانتخابات حتى لو أُجّلت عشرات المرّات و"سيتعللون دائما بعدم توفر المناخ " أو "عدم الاستعداد الكافي" لا لشيء سوى لوأد المسار الانتقالي. و نشر القيادي بحركة مشروع تونس فوزي اليوسفي تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" يطالب فيها بتأجيل الانتخابات البلدية التي تشارف على الانطلاق في ماي المقبل . و عدّد القيادي بالحركة في منشروه النقاط التي تجعل تنظيم الانتخابات في الوقت المحدد أشبه بالمستحيل على غرار أنّ البلاد ليست مؤهلة لخوض تجربة جديدة دون حسن الاستعداد إليها و عدم وجود القوانين الدستورية و الاوامر التفصيلة الخاصة بالباب السابع من الدستور هذا إضافة الى ان مقر المجلس الاعلى للجماعات المحلية لم يقع تحديد مكانه بعد . و يتناقض ما جاء به فوزي اليوسفي القيادي بحركة مشروع تونس مع ما كشفه الامين العام للحركة محسن مرزوق ، الذي أكد في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء أنّ حزبه مستعد للانتخابات البلدية منذ "مارس الفارط"، مضيفًا أن "الحركة ستتقدَّم إلى هذه الانتخابات ضمن قائمات الائتلاف المدني المتواجد على مستوى 50 بلدية وضمن قوائم باسم مشروع تونس، كما ستدعم قائمات مستقلة". من جانبه، أكد رئيس الهيئة العليا للانتخابات محمد التليلي المنصري، إنه لا يوجد عائق أمام إجراء الانتخابات البلدية، في موعدها يوم 6 ماي المقبل موضحًا أنه ليس هناك أي سبب شرعي وجدّي لتأخير الانتخابات مجددًا. ونقلت الأناضول، عن المنصري، أن الهيئة لم تؤجل، وإنما مدّدت أجل إجراء الانتخابات إلى ماي المقبل، بهدف استكمال كل الشروط القانونية، نافيًا أن تكون الهيئة اتخذت قرار التمديد في موعد إجراء الانتخابات نتيجة ضغوطات، بل اتخذته بالأغلبية المطلقة في مجلسها . وشدد على أن تأخر رئاسة البلاد في إصدار أمر يتعلق بدعوة الناخبين للاقتراع (التصويت)، كان عائقًا أمام إجرائها في الموعدين الأول والثاني. وكشف المنصري، أن الإعداد للانتخابات بدأ منذ مطلع 2017، حين تم إقرار الموعد الأول، وهو 17 ديسمبر الماضي، لكن بعد تأجيلها إلى 25 مارس و توقف المسار في 10 أوت الماضي، قبل أن يستأنف لاحقًا؟ وتابع" لدينا خريطة طريق ومخطط عملياتي للانتخابات، وبصدد التحضير لعملية قبول الترشحات، التي أعددنا لها خريطة طريق واضحة، وسيتم فتح باب الترشحات في 15 فيفري أي يوم الخميس ." وتلعب الانتخابات البلدية دورا مهمّا في استكمال الانتقال الديمقراطي ومزيد انجاح التجربة التونسية والتي تختلف عن مختلف تجارب دول الربيع العربي. وتعود آخر انتخابات بلدية أجريت في تونس إلى عام 2010 قبل أشهر سقوط حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في 14 جانفي 2011 اثر احتجاجات شعبية. و بحسب الهيئة الانتخابية ، فقد كلف تأجيل الانتخابات البلدية البلاد مصاريف اضافية ب5 مليارات على الأقل.