تتقدم الاستعدادات حثيثة بتشكيل القائمات الانتخابية، لكن رغم الجهد الذي تبذله العديد من الاحزاب والجمعيات وحتى شخصيات مستقلة من اجل تشكيل ما يكفي من القائمات لانجاح هذا الاستحقاق، لا تتقدم عملية تشكيل القائمات خاصة بالنسبة لأحزاب المعارضة . و يعزو مراقبون أسباب هذا الفشل إلى تقدم هذه الأحزاب بخطوات غير واثقة للاستحقاق البلدي غير مراهنة بجدية على منافسة الاحزاب الكبرى في هذا المعترك السياسي وهو ما يُترجم عدم تمكنهم من ترشيح قائمات انتخابية في كل الدوائر البلدية . وأكّد رئيس المكتب السياسي لحزب "آفاق تونس" كريم الهلالي، أنّ الحزب تعرّض كبقية الأحزاب لصعوبات كبرى في تكوين قائماته الانتخابية نظرا للشروط المجحفة التي اشترطها القانون الانتخابي ومنها التناصف الأفقي والعمودي، حسب ما ذهب إليه. ويشترط القانون الانتخابي أن يكون هناك تناصفا في تكوين القائمات الانتخابية بين المرأة والرجل عموديا وأفقيا، أي أنّه علاوة على أن يكون العدد نفسه من الجنسين، يستوجب أن يتم الرتيب بالتداول بين المرأة والرجل، وذلك بهدف تجنّب عمليّة التمييز و"المراوغة" التي سبق أن اعتمدتها مختلف الأحزاب في الانتخابات السابقة بأن يتصدّر الذكور معظم القائمات، وتُدرج النساء في أسفل القائمة، حتّى يُفرز بالضرورة تفوّقا في عدد الذكور المنتخبين وعموما تواجه أغلب الأحزاب، عائقين كبيرين، في خوض غمار الانتخابات، أو حتى الاستمرار في التواجد على الساحة، يتمثل الأول في مؤشرات عزوف التونسيين عن المشاركة في الحياة السياسية عامة، ويتمثل الثاني في قدرات الأحزاب على المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، مع الكم الهائل من الصراعات التي خاضتها، فقط من أجل الحفاظ على استمراريتها. وقال الطاهر بن حسين، رئيس حزب المستقبل ل"العرب" إن "مشاركتنا في الانتخابات البلدية ستكون رمزية عبر تركيزنا على دوائر انتخابية معيّنة"، مشيرا إلى أن كل الأحزاب المكونة للاتحاد المدني تكاد تكون اتفقت بشكل شبه نهائي على الأسماء والقائمات التي ستترشح للمنافسة في الانتخابات. وأرجع بن حسين عدم القدرة على منافسة حركة النهضة للعديد من العوامل ومن أهمها ضعف الأحزاب وعدم امتلاكها لأموال ضخمة كالنهضة، متهما حزبي الحكم بالانطلاق في اقتراف العديد من التجاوزات ومنها توظيف المسؤولين السامين في الجهات أو الوزراء للفوز في الانتخابات البلدية. و غير بعيد عن الصعوبات التي يمرّ بها حزب المستقبل ، تمرّ الجبهة الشعبية و التي تضمّ (11حزبا) بنفس الصعوبات وهو ما يُترجم عدم قدرتها على دخول الانتخابات في كل الدوائر الممكنة . و قال القيادي بالجبهة الشعبية والأمين العام لحزب تيار الشعب زهير حمدي، ل"العرب"، إن الجبهة تقدّمت في إعداد قائماتها الانتخابية، مرجعا صعوبة تمكنها من حسم مسألة الترشحات إلى اختلاف مكونات الجبهة التي تعتبر ائتلافا حزبيا وليست حزبا موحّدا. وشدّد زهير حمدي على أن المسار الديمقراطي في تونس ليس مهددا فقط بسبب إمكانية تغول النهضة على المشهد بل هو مهدّد أيضا من عودة سيطرة اليمين الديني واليمين الليبرالي (نداء تونس) مما سيزيد من إفساد المشهد السياسي عبر التداخل السافر بين الحزب والدولة. هذا وفتحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الخميس 15 فيفري 2017، باب قبول الترشحات، حيث استقبلت الى حدود الثالثة مساء حوالي 210 مطلب ترشح حسب ما أكده رئيس الهيئة محمد التليلي منصري ل"الشاهد". ويتعلق الأمر ب350 دائرة أي 350 قائمة انتخابية في كامل ربوع الوطن بمجموع 7262 عضو أي مترشح يختلف توزيعهم بطبيعة الحال على الدوائر على قاعدة عدد السكان. في المقابل، أعلنت بعض الأحزاب جاهزيتها لخوض الانتخابات، على غرار حركة النهضة، حيث أكد رئيس كتلتها، نور الدين البحيري أنّ الحركة ستدخل الإنتخابات البلدية في جميع الدّوائر البلدية ال 350، بقائمات تحت رعايتها.