رغم مضيّ أكثر من 4 سنوات على إقرار إحداثها في دستور الجديد ، مازالت أزمة المحكمة الدستورية تراوح مكانها ولم تتحلحل بعد وبقيت رهينة اتفاق الكتل البرلمانيّة ، التي فشلت في الاتفاق على المرشحين ، إلاّ أن آخر المستجدات أفادت بأنّ الأوضاع في طريقها للحلحلة خاصة و أنّ العملية الانتخابية ستنطلق يوم 13 مارس المقبل تحت قبة البرلمان، وسيحاول رؤساء الكتل الاتفاق على 4 أعضاء من بين 8 مرشحين للمحكمة. وبعد أخذ و ردّ و جلسات ماروطانية و 5 اجتماعات متتالية لرؤساء الكتل، قرّر مكتب المجلس عقد جلسة عامة يوم 13 مارس القادم من أجل انتخاب 4 أعضاء لمجلس المحكمة الدستورية، وذلك فور انتهاء أسبوع الجهات المقرر من 26 فيفري إلى 3 مارس. قرار المكتب يأتي بعد توصل الكتل البرلمانية إلى توافقات حول الأسماء المترشحة والمنبثقة عن لجنة الفرز،و ستكون ثمانية أسماء ستتنافس من أجل الحصول على 4 مقاعد، وهم كل من العياشي الهمامي المحامي لدى محكمة التعقيب مرشح من قبل كتل الجبهة الشعبية والاتحاد الوطني الحر والديمقراطية، عبد اللطيف البوعزيزي أستاذ الحضارة الإسلامية مرشح حركة النهضة، سناء بن عاشور مرشحة الجبهة والحرة والوطنية، سليم اللغماني مرشح من قبل نداء تونس والوطنية والحرة، روضة ورسغيني مرشحة من قبل نداء تونس، في حين لم يحسم التوافق إلى حد الآن بين المرشحين محمد صالح بن عيسى، زهير بن تنفوس، أحمد صواب، شكري المبخوت. ومن أجل انتخاب أي عضو يجب أن يتحصل على 145 صوتا، وهو ما يستوجب التوافق بين الكتل البرلمانية. و بالرغم من الخطوة الإيجابية التي أقدم عليها مجلس النواب بتحديده موعد عقد جلسة عامة لفض النزاع ووضع النواب أمام طاولة التوافق من جديد، إلاّ أنّ الكتل الحزبية الفاعلة في مجلس نوّاب الشعب ما تزال محكومة بهاجس المحاصصة، ولم تتوصّل بعد إلى توافق واسع، يضمن ترشيح أربع شخصيات تحظى بتأييد الجلسة العامّة، وتباشر مهامّها في المحكمة الموعودة. فيما يُرجح البعض الآخر أن سبب تعطيل المحكمة الدستورية يعود لخشية بعض السياسيين من صلاحياتها الواسعة، وخوفهم من أن تتحوّل إلى "حكومة قضاة" تخطف الأضواء، وتحاصر السلطة التنفيذية وتراقب الأغلبية النيابية في البرلمان. واعتبر رئيس اللجنة الانتخابية طارق الفتيتي، أن عملية التوافق صعبة، ولكن لا مجال لمزيد من تأخير الحسم بالانتخاب في جلسة عامة علنية. وأضاف، في تصريح إعلاميّ، أنه يجب تحصيل غالبية أصوات لا تقل عن ثلثي أعضاء مجلس الشعب؛ أي 145 صوتًا من 217، حتى يتم منح ثقة المجلس للمترشح. وبيّن الفتيتي أن الدستور اشترط هذه الأغلبية لضمان استقلالية أعضاء المحكمة الدستورية عن أي انتماء حزبي أو فئوي، وبالتالي يجب أن يحظى بالحياد الكافي ليكون على المسافة نفسها من جميع الأحزاب البرلمانية، حتى تمنحه صوتها، مبينًا أن تأخر انتخاب المحكمة الدستورية يعود لمخاوف المعارضة والكتل من انحياز الأعضاء المنتخبين لطرف سياسي على حساب آخر. وطالبت مجموعة من منظمات المجتمع المدني (أنا يقظ؛ بوصلة؛ الجمعية التونسية للقانون الدستوري)، مجلس النواب بالإسراع في انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية الأربعة، باعتبار أن تركيز هذه المحكمة يعد في الوقت الراهن أولوية مطلقة. وبينت المنظمات أن "دستور 2014 نصّ على تركيز المحكمة الدستورية في أجل عام واحد من تاريخ إجراء الانتخابات التشريعية لسنة 2014، إلا أنه لم يتم احترام هذا الأجل".