مع بدء العدّ التنازلي لموعد الانتخابات البلدية، والمزمع عقدها في 6 ماي المقبل، تسارعتْ وتيرة الاحداث في البلاد ،حتّى ان معظمها بات ينذر بدخول تونس في حقبة جديدة من الاستبداد بعد سبع سنوات من نعيم الديمقراطية . ويشهد المشهد السياسي اليوم نسقًا متسارعًا،على المستوى السياسي و الاجتماعي ، و في الوقت الذي تُكابد فيه الحكومة جهودها لإنقاذ البلاد من شفر الهاوية في ظل الظروف الاقتصادية والمالية والاجتماعية الصعبة ، تعمل أطراف اخرى على رسم مخططاتها لاستنزاف ما تبقّى من الاستقرار و للانقلاب على النظام الديمقراطي في تونس . خُطّة الانقلاب ، حذّر منها أكثر من ناشط سياسي و حقوقي في البلاد ، اذ حذر أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك من وجود مخطط تعدّه بعض الأطراف لتنفيذ انقلاب ناعم يقوده رجل أمن قوي من خلال الانطلاق بحل البرلمان وتعليق العمل بالدستور، و أضاف بن مبارك في حوار في برنامج إذاعي ان ذلك يهدد مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد. في الوقت ذاته ، أشار نقيب الصحافيين إلى أن تونس تعيش ظروفا مشابهة لتلك التي سادت قبيل انقلاب الرئيس السابق زين العابدين بن علي سلفه الحبيب بورقيبة. و قال نقيب الصحافيين ناجي البغوري إن المناخ العام الذي يخيّم على البلاد حاليا هو مناخ 1987 (عام انقلاب بن علي)، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية تلعب اليوم "دورا معاديا لحرية التعبير وتسعى إلى غلق باب الحريات وتضييق الخناق على الإعلاميين والصحافيين". و غير بعيد عن المؤامرات التي تحاك تباعا للاطاحة بانجازات الثورة التونسية، يواصل اخطبوط التجمّع وضع مخططاته لاسترجاع تموقعه السابق ، و في اخر شطحات رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير بوسى ، اكدت الاخيرة ان "دستورها" حاضر و سيعرض بمناسبة الاحتفال بالذكرى 62 لعيد الاستقلال، يوم 20 مارس بقصر المؤتمرات، مشروع دستور جديد للبلاد. و تتحدث عبير موسي هنا عن دستور موازي للدستور الصادر عن السلطة االتشريعية في سنة 2014 ، متحدية بذلك العامل القانوني و العامل الشعبي ، فيما تزداد مخاوف البعض من تمادي عبير موسي في ممارساتها مستغلة بذلك صمت السلط الثلاث ، و يرى مراقبون أنّ خطاب التجمعيين تحول إلى خطاب( وقح ) مستغلين بذلك الحرية التي منحتهم اياها الثورة التي يزدرونها اليوم ، فيما يتحمل الاعلام مسؤوليته الكبرى في ذلك ، خاصة و انه منحهم الفرصة للظهور اليومي. من جهة أخرى ،عاد الحديثُ عن ضرورة إعادة النظر في طبيعة نظام الحكم في تونس الذي أقره دستور البلاد لسنة 2014، و تناقلت وسائل الاعلام المحليّة أنباء عن مبادرة رئاسية جديدة لتغيير نظام الحكم والقانون الانتخابي سيقع الاعلان عنه في 20 مارس الجاري . و يرى مراقبون ، أن الباجي قائد السبسي صاحب المبادرة يتجّه نحو تعزيز صلاحياته ونفوذه وهيمنته على السلطة التنفيذية في البلاد، في إطار سعيه المتواصل إلى تغيير النظام السياسي لتونس إلى نظام رئاسي يُعيد كل السلطات إلى يد الرئيس الذي لا يقبل معارضة أحد ، ما جعل البعض يُبدي تخوفاته من محاولة اعادة تونس إلى نظام حكم الشخص الواحد الذي وضعه الحبيب بورقيبة ورسّخه زين العابدين بن علي، نظام يكون فيه رئيس الجمهورية المتحكم الأول والوحيد بزمام الأمور في البلاد . وصف أستاذ القانون الدستوري والمحلل السياسي جوهر بن مبارك طرح مسألة تغيير النظام السياسي والانتخابي، بال"الخطيرة" على صورة تونس بالخارج، واعتبرها "صب للزيت على النار"، باعتبار أنها ستربك الوضع السياسي والاجتماعي المرتبك أصلا، والذي يمر بأزمة سياسية واقتصادية واجتماعية خانقة. و صرح رئيس الجمهورية في مناسبات سابقة انه لا يرى مانعاً من تعديل الدستور بهدف اعتماد شكل جديد لنظام الحكم في البلاد وأنه لن يكون ضد أي مبادرة في هذا الاتجاه، معتبراً أن أغلبية الشعب التونسي مع النظام الرئاسي، وأن الوضع العام في البلاد يمكن أن يتحسن مع تعديل الدستور واعتماد نظام سياسي جديد وتقوم المبادرة المنتظرة على اقتراح السبسي تغيير النظام السياسي الحالي الشبه برلماني واستبداله بنظام رئاسي يمنح صلاحيات أكبر لرئيس الجمهورية.