انطلقت الاحزاب السياسية في التحضير للانتخابات البلدية و تنوّعت وسائل الدعاية من حزب إلى آخر، و فيما اختارت بعض الأحزاب طُرقا ناجعة للتواصل مع قواعدها عبر تنظيم لقاءات شعبية و تجمعات والتحفيز للمشاركة على الاقتراع البلدي هناك من اختار استراتيجية عادت بمفعول عكسيّ على حزبه ، لتتحول الدعاية إلى ضربة قاسمة لبعض الأحزاب التي أساءت الاختيار، على غرار ما حصل في حركة نداء تونس و حركة مشروع التونس ، فيما عكفت أحزاب أخرى على لملمة بيتها الداخلي مثل افاق تونس و هناك من اختار الركون دون أن يعير المشهد البلدي أدنى أهمية ، إمّا اعترافا بالفشل المحقق او لعدم توفر الموارد المالية و البشرية التي تعينه على كسب الرهان الانتخابي القادم . و قبل شهر من موعد إجراء الإنتخابات البلدية و قبل أيام معدودة من انطلاق الحملة الانتخابية ، انخرطت شتّى الأحزاب السياسية في ماراثون الدعاية ، لتتنوع وسائل اتصالها و منافذ أفكارها، بيد أنّ بعض الأفكار كان لها مفعول سلبيّ ، لتعود بوابل من الانتقادات على الأحزاب. و أطلق حزب نداء تونس ومضة دعائية اختار لها عنوان "الدار الكبيرة" في محاولة جديدة للمّ شمل الحزب الذي شهد عدة انشقاقات واستقالات عصفت به، ولم تخل من انتقادات واسعة من نشطاء التواصل الاجتماعي وأكاديميين وصلت حد التهكم من اسم الحملة ذاتها. وكانت تدوينة للأستاذة الجامعية بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار سلوى الشرفي قد فجرت موجة من الجدل إثر إشارتها إلى أن شعار "الدار الكبيرة" التي رفعها نداء تونس هي في الأصل تحيل على اسم "ماخور" كان قد تواجد سابقا في أحد أزقة المدينة العتيقة بتونس العاصمة، ورافقت تدوينتها بصورة لممثلة تونسية شابة اشتهرت باعتمادها أسلوب الإغراء في أغلب إطلالاتها وأعلنت انضمامها مؤخرا لحزب نداء تونس. بدوره أثار الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق، الذي نشر عبر صفحته الرسمية على فيسبوك صورا له خلال زيارته لقصر "الفارتي" بفرنسا أين تم وضع الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة رهن الإقامة الجبرية سنة 1954، واعتبر مرزوق أن تلك الزيارة التي تزامنت مع الاحتفال بعيد الشهداء هي رد على من وصفهم ب "الحاقدين ومزوري التاريخ". وفي ردها على ما وصفته ب "حملات الشيطنة والتشويه" اعتبرت القيادية في حزب مشروع تونس خولة بن عايشة في حديثها ل "عربي21" أن زيارة محسن مرزوق لمحبس بورقيبة بفرنسا أخرج من سياقه، وتم تحريف دلالته ومعانيه، وتابعت: "الهدف من زيارة مرزوق لم يكن بغرض التشبه ببورقيبة؛ بل كان استحضار جزء من الذاكرة الوطنية في ظل تشكيك البعض في قيمة الزعيم الراحل ودوره في جلب الاستقلال". من جانبه، اعتبر الإعلامي والمحلل السياسي كمال الشارني أن "الأساليب الدعائية المعتمدة من الأحزاب الكبرى في تونس بالتزامن مع قرب موعد الانتخابات البلدية فاشلة بامتياز" حسب وصفه. وتابع ل"عربي21″: "مع الأسف لم تستطع الأحزاب الكبرى في تونس أن تخرج عن دائرة الصراعات الإيديولوجية الضيقة التي طبعت السباق الانتخابي البرلماني والرئاسي الماضي وتناست أو تجاهلت أن الرهان اليوم ليس على التشبه ببورقيبة، أو من هو الحزب الأكثر حداثة أو الأكثر دفاعا عن المرأة بل أن الرهان الآن هو مدني بالأساس ويتعلق بطرح تصوراتهم للعمل البلدي وللحكم المحلي ولحل مشاغل المواطنين من إصلاح البنية التحتية المتردية وحل مشكل الفضلات والانتصاب الفوضوي والبنايات العشوائية". وتفاعل رواد التواصل مع صور مرزوق بشكل ساخر معتبرين أن الهدف من ذلك هو التشبه ببورقيبة وتقليده. و يمكن تعريف الحملة الانتخابية بأنها مجموعة الأنشطة التي يقوم بها الحزب أو المرشح السياسي ، بهدف إمداد الجمهور و الناخبين بالمعلومات عن برنامجه و سياسته و أهدافه ، و محاولة التأثير فيهم بكلّ الوسائل و الأساليب و الإمكانيات المتوفرة من خلال جميع قنوات الاتصال و الاقناع ، و ذلك بهدف الحصول على أصوات الناخبين و تحقيق الفوز في الانتخابات .