لا يزال موضوع مآل حكومة يوسف الشاهد يتصدر واجهة الأحداث، سيما في ظل استمرار ضبابية المشهد السياسي التي تعاظمت بتأجيل اجتماع "الحسم' الذي كان مقررا الجمعة المنقضي إلى يوم غد الثلاثاء دون الإقرار بأي أسباب لهذا التأجيل، الأمر الذي خلق مزيد التساؤلات حول ما يُحاك خلف الستائر. من جهة أخرى، يبدو أن مسألة التأجيل لم ترُق الاتحاد العام التونسي للشغل الذي أبدى غضبه من ذلك، سيما أمام إصراره على "ضخ دماء جديدة" في الحكومة في أقرب أجل ممكن . وعاد اتحاد الشغل إلى تجديد خطابه الداعي إلى إقالة يوسف الشاهد عن رأس الحكومة، ملوحا هذه المرة بامكانية انسحابه من وثيقة قرطاج. ولم يستبعد الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل بوعلي المباركي، انسحاب الاتحاد من وثيقة "قرطاج 2" في حال عدم الأخذ بالمقترحات المتفق عليها. واعتبر المباركي ، في هذا الصدد، أن حكومة الشاهد فشلت، معتبرا في حوار له مع جريدة المغرب في عددها الصادر الأحد ، أن "الاتحاد ليس طالب حكم، وهو منظمة وطنية تضع في أولويتها الواجب الوطني وروح المسؤولية، ولذلك أطلق الاتحاد صيحة فزع ودعا إلى حلول جذرية، فإذا لم يأخذ التصورات والمقترحات بعين الاعتبار سيصبح الوجود في وثيقة قرطاج شكلياً، وساعتها ستتخذ مؤسسات الاتحاد القرار المناسب وسيكون لكل حادث حديث". وأكّد المباركي وجوب أن تكون الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة في حال تغيير الشاهد "قادرة على إنجاز المهام حتى إن كانت متحزبة وألاّ تنشغل بالاستحقاقات الحزبية والانتخابية". وحول مردودية حكومة الشاهد التي اعتبرها دون المطلوب، نوه الأمين العام المساعد باتحاد الشغل " أن الفشل في أي مهمة له أسباب ومسببات عدة، موضحاً أن الاتحاد كان "من أكثر المدافعين عن الحكومة الحالية وإنجاح المسار السياسي، وعلى الرغم من أن تونس نجحت في عدة مسارات وخاصة في الانتخابات التشريعية والرئاسية وفي إدارة الجانب الأمني، حيث تحققت عدة نتائج مهمة ومطمئنة وإيجابية إلا أنه حصل فشل ذريع في المسألة الاقتصادية والاجتماعية". جدير بالإشارة إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل دعم حكومة يوسف الشاهد و تقاربت خياراتهما منذ التوقيع على وثيقة قرطاج، بيد أنه منذ مطلع العام الجاري، تباينت الرؤى حول مختلف الملفات الحارقة، و من هذا المنطلق تغيرت نظرة الاتحاد إلى حكومة الشاهد. و يرى المباركي أن فشل الحكومة يعود إلى "الأزمة السياسية العميقة التي تلقي بظلالها على تونس وأدت إلى تعطل الأداء الحكومي ككل، وسبب ذلك أن الحكومة لم تتحمّل مسؤوليتها في طرح الملفات والإصلاحات المطلوبة ضمن مشروع تنموي شامل وعادل في الجهات"، مستدركا في المقابل بأن"الاتحاد ليس حزبا سياسيا وليست لديه حسابات يخشى عليها وبالتالي دعا إلى حلحلة الوضع في تونس وتحدث بصوت عال للمطالبة بضخ دماء جديدة في مفاصل الدولة وللمطالبة بالتغيير العميق والكبير في الحكومة للخروج من المأزق الحالي وببرنامج إنقاذ وطني". ولفت المتحدث إلى أن اجتماع الموقعين على وثيقة قرطاج جاء نتيجة هذه الأوضاع وبدأ الإعداد لبرنامج وأولويات المرحلة المقبلة، وأنه بعد اجتماعات ومشاورات عدة سيقع اجتماع الرؤساء الموقعين على الوثيقة وسيتولون التفاوض حول من سيتولى تطبيق ما تنص عليه، مشيرا إلى أنه من الضروري أن تكون الحكومة المقبلة حكومة مهام محددة ولا تكون عينها على الانتخابات وعلى أحزابها". وأضاف المباركي "نريد اليوم شخصيات وكفاءات في الحكومة قادرة على إنجاح ما تبقى من مسار وتحسين الوضع في تونس والحد من الاحتقان الاجتماعي، وهو ما تنص عليه وثيقة قرطاج 2، أي حكومة أعمال واضحة ومحددة". يذكر أن اللجنة الفنية كانت قد أنهت يوم الثلاثاء المنقضي آخر التعديلات على مسودة وثيقة أولويات المرحلة القادمة استنادا الى توصيات رفعت إليها من قبل لجنة الرؤساء والتعديلات التي تم اقرارها في مشروع وثيقة قرطاج 2، تلزم الحكومة القادمة بعدم الترشح لانتخابات 2019 والانكباب تماما على تطبيق الأوليات المُضمّنة في الوثيقة.