موراج العقبة الرئيسة.. ترامب مارس ضغطا شديدا على نتنياهو لوقف اطلاق النار    العراق.. اشتباكات مسلحة عنيفة بين عشيرة كردية والبيشمركة في أربيل    التعقيب ترفض طعن عبير موسي في قضية "مكتب الضبط"    تونس – انطلاق موسم التخفيضات الصيفية في 7 أوت    رئيس الجمهورية يؤكد .. لن نفرّط في مؤسساتنا ومنشآتنا العمومية    البطولة العربية لكرة السلة للسيدات: المنتخب المصري يفوز على نظيره التونسي 92-74 ويتوج باللقب    تونس والولايات المتحدة.. الند للند.. والرسائل الثلاث!!    ترامب: الوضع في غزة مأساوي وسأسعى لحل الصراع نهائيا    الحرائق تغلق مطار مارسيليا بفرنسا وتأتي على نحو ثلاثة آلاف هكتار من الغابات بإسبانيا    مع الشروق : جائزة نوبل للعدوان... والقتل والإبادة !    الكرة الطائرة ...منتخب الطائرة يهزم مصر ويفوز بدورة الجزائر    «شروق» على مونديال الأندية «نار» بين الريال وباريس سان جرمان!    السيلية يضم المهاجم يوسف سنانة لمدة موسم معارا من الشمال    وزارة التعليم العالي تعلن غدا الأربعاء عن نتائج المناظرات الوطنية للدخول إلى مراحل التكوين الهندسي دورة 2025    بنزرت: وفاة شخصين داخل حفرة أثناء التنقيب عن الآثار    مصر.. قناة تلفزيونية تحذف برنامج برومو مذيعة شهيرة بعد اتهامها بالسرقة    يوم 13 أوت بالمسرح الأثري بقرطاج ...صوفية صادق تعود بعد غياب    عادات وتقاليد..عاشوراء في سدادة بوهلال .. موروث حي تنقله الذاكرة الشعبية    تونس – الطقس: عواصف رعدية في المرتفعات الغربية    طقس الليلة.. خلايا رعدية مصحوبة بأمطار بهذه المناطق    بنزرت: إحياء الذكرى السابعة لاستشهاد الوكيل أول بالحرس الوطني حمزة الدلالي    القصرين: تراجع صابة التين الشوكي بسبب الحشرة القرمزية    مأساة في مطار إيطالي.. محرك طائرة يبتلع رجلا أثناء الإقلاع    عاجل/ قتلى وجرحى في حريق مبنى بالقاهرة    الشركة الجهوية للنقل بال&1704;صرين تشرع غدا الاربعاء في استغلال خط نقل بلدي جديد    الاجتماع الأول للجنة الأفقية للأمن الطاقي: وزيرة الصناعة تدعو الى اعداد تصورات لتنويع مصادر الطاقة    النجم الساحلي: جلسة عامة انتخابية يوم 24 جويلية    سامي الطاهري يدعو إلى ضرورة استئناف المفاوضات في القطاع الخاص    عاجل: مهرجان قرطاج يكشف عن أبرز النجوم بحفلات نارية وعروض عربية وعالمية مميزة!    أحلام على مسرح قرطاج من جديد...والتونسيون في انتظار سهرة استثنائية    وزارة الثقافة التونسية بين المحلية والعالمية: رؤية لتعزيز التبادل الثقافي واستقطاب الإبداع العالمي    عاجل/ البرنامج الكامل للدورة 59 لمهرجان قرطاج..والفنانون المشاركون..    ريجيم الكيتو وعلاقته بالصحة العقلية..علاج مكمل أم بديل فعّال؟    الكاف: تجميع أكثر من مليون و100 الف قنطار من الحبوب ودعوة إلى التسريع في اجلاء الصابة    علاش الكليماتيزور في الكرهبة متاعك ما يبردش؟ أهم الأسباب والحلول    وزارة التجارة تعلن عن موعد إنطلاق موسم التخفيضات الصيفية    المنخفض الجوي يشتد غرب البحر المتوسط ومخاوف من الفيضانات    جمعية أحباء المكتبة والكتاب ببن عروس تطلق مسابقة في كتابة الشعر باللغة العربية الفصحى    صفاقس : "تركيز ملعب للكرة الطائرة بشاطئ الكازينو تزامنا مع الإحتفال باليوم العالمي للكرة الطائرة"    عاجل/ حكم غيابي بالسجن لمدة سنتين مع النفاذ العاجل في حقّ شقيقة "سنية الدهماني"..    بفضل شراكة تونسية سعودية.. 52 طفلاً يستعيدون نعمة السمع !    حادث مرور قاتل بهذه الطريق..وهذه حصيلة الضحايا..    انقلاب شاحنة محمّلة بالطماطم..#خبر_عاجل    سينر يبلغ دور الثمانية في ويمبلدون للتنس بعد انسحاب ديميتروف للإصابة    مجسّم ''الباخرة الغارقة'' يُثير الجدل في منزل جميل... والبلدية تؤكّد انه جميل وناجح    رود بالك: زرّ صغير في'' كوموند الكليماتيزور'' ينجّم يكلّفك برشة فلوس في فاتورة الضوء!    الحماية المدنية: إطفاء 134 حريقا خلال ال 24 ساعة الماضية    تونس: انخفاض في درجات الحرارة وتحذيرات من السباحة بداية من مساء اليوم    الصباح ما يكمل كان بفنجان تاي ولا قهوة... أما شنوّة المفيد فيهم؟    علاش القطن ديما هو الحل في الصيف؟ اعرف السر!    سخانة الصيف ما عادش تعبك! 3''عصاير'' تردلك النشاط وتبردك على طول    رسميا: النادي الإفريقي يكشف عن ثالث تعاقداته في المركاتو    المنتخب الوطني لكرة السلة سيدات يواجه اليوم نظيره المصري في نهائي البطولة العربية    رئيس الجمهورية: وضع حد للفساد ودفع الاستثمار على رأس الأولويات..    تاريخ الخيانات السياسية (8): الغدر بالحسين بن علي    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    تاريخ الخيانات السياسية (7): ابن مُلجم و غدره بعلي بن أبي طالب    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د .منار الشوربجي – تدريس العلوم السياسية
نشر في الشاهد يوم 19 - 10 - 2013


د .منار الشوربجي
أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية – الجامعة الأمريكية
التدريس مهنة شاقة، لا يدفعنى للتمسك بها سوى رغبتى فى أن أكون محاطة طوال الوقت بالأكثر ذكاء وإبداعا. والشباب، فى أى مجتمع، هم الأكثر ذكاء وإبداعا. غير أننى أشعر بقلق عميق على أجيالنا الجديدة مما تورثه لهم نخبة ليست بارعة إلا فى التوريث، فرغم أننى أُدَرِّس عددا من المواد المتعلقة بالولايات المتحدة الأمريكية، فإننى أولى اهتماما خاصا لمادة «المقدمة فى علم السياسة»، لأنها تلقى على عاتق الأستاذ مسؤولية وضع الأساس الذى سيبنى عليه طالب العلوم السياسية طوال فترة دراسته.
والحقيقة أننى واجهت فى الفصل الدراسى الحالى مفاجآت مؤلمة للغاية، فما يقوله الطلاب، اليوم، لم أسمعه طوال عقد كامل من تدريس هذه المادة. وهو يتعلق بأمور كان زملاؤهم الذين سبقوهم يعاملونها كبديهيات. خذ عندك ما فوجئت به فى محاضرة القوة والسلطة والشرعية، فما إن نطقت بكلمة «الشرعية» حتى انفجر الطلاب فى الضحك والسخرية، ولم لا، وقد تعرض ذلك المفهوم مؤخرا للابتذال. لكن تلك لم تكن المفاجأة الأكثر إيلاما، ففى محاضرة «القيم والسياسة»، التى تتناول قضايا حقوق الإنسان، كانت المفاجآت الأكثر إيلاما، فلأول مرة فى حياتى الأكاديمية، يفاجئنى طلاب المادة بعدم اكتراثهم إطلاقا بمفاهيم حقوق الإنسان. خذ عندك مثلا موضوع الحريات والقمع، فقبل ثورة يناير، كان الطلاب يعارضون القمع بشدة، ويشيرون إلى وقائع منها ما جرى ل«خالد سعيد» وغيره من جيلهم، وبعد الثورة مباشرة، كان الطلاب هم الأكثر اهتماما بحقوق الإنسان وحرياته.
هذه المرة، قالوا إن تلك مفاهيم نظرية ليس لها وجود فى الواقع، ويتجاهلها الحكام فى العالم كله، فسألتهم عما يمكن فعله حين ينتهك الحاكم حقوق الإنسان، فذكروا وسائل كثيرة، باستثناء ضغوط المجتمع المدنى والانتخابات التى تأتى بحاكم آخر، وهما من أكثر الوسائل التى كانت ترد لذهن سابقيهم! الأخطر من ذلك، قال أحد الطلاب إنه لا مانع عنده من «قتل مائة شخص أو حتى أكثر فى سبيل الباقين». ووافقه على رأيه عدد كبير لم تكن عندهم إجابة حين تساءلت زميلة لهم، قائلة: «ألا توجد وسائل أخرى لحماية الكل، دون التضحية بالبعض؟»، كنت مصرة على أن يعطى الطلاب أنفسهم الفرصة للتفكير والحوار المتحضر مع زميلتهم فيما طرحته، فأذهلنى عجز أولئك المبدعين الشباب، بل عدم رغبتهم فى إيجاد بدائل. وبعد محاضرة عن الأيديولوجيات السياسية، سألنى طالب: «تحت أى أيديولوجيا تندرج الطائفة؟»، واستطرد، موضحا: «يعنى أين أضع الإسلاميين؟»، قلت: «أولا: الإسلاميون ليسوا طائفة، وإنما تيار سياسى»، نظر إلىَّ الطالب وكأن لسان حاله يقول إن هذه الأستاذة لا تفهم أصلا فى السياسة، ولم ينتظر «ثانيا»، حيث استأذن وانصرف!
وكل تلك الوقائع ذكَّرتنى بوقائع مماثلة فى الفصل الدراسى الماضى تحتاج لعرض خاص. ورغم أن تلك الوقائع فاجأتنى وآلمتنى، فإنك حين تتأمل دلالاتها تجدها مفهومة فى سياقها، فهى نتيجة متوقعة فى أجواء الإرهاب الفكرى الذى تمارسه بعض رموز النخبة الفكرية والإعلامية، والتى تردد باستمرار أفكار رؤية واحدة، ثم تصر على فرض تلك الرؤية وحدها، وتُخَوِّن كل من يختلف معها، ولو بقدر ضئيل للغاية. لكن بالله عليكم، أى أجواء تلك لتدريس علم السياسة الذى يقوم على التحليل النقدى، لا الرؤية الواحدة، مثلما يقوم على مفاهيم ذات تعريفات متفق عليها؟ غير أن السؤال الأكثر أهمية بكثير، بل الأكثر خطورة، هو كيف يمكن أن تبنى مجتمعا متحضرا، يؤمن بالديمقراطية والحريات، فى مناخ تبتذل فيه المفاهيم، وتُنزع الإنسانية من القلوب، بحيث لم تعد القضية هى الدفاع عن حقوق الإنسان، وإنما صارت مجرد الدفاع عن حقك أصلا فى أن تكون إنسانا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.