في الوقت الذي تظهر فيه جليا حاجة البلاد إلى مزيد من التوافق لإنجاز إصلاحات كبرى معطّلة ولإستكمال مسار الإنتقال الديمقراطي وكذا لمعالجة إشكاليات إقتصادية وإجتماعية، تعيش تونس منذ أشهر على وقع أزمة سياسيّة خانقة بسبب الصدام المعلن بين نداء تونس ورئيس الحكومة يوسف الشاهد من جهة وبسبب إصرار الإتحاد العام التونسي للشغل على رحيل الشاهد من القصبة من جهة أخرى. رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي قرّر قبل أشهر تعليق الحوار حول “وثيقة قرطاج 2″ بعد أن وصلت المشاورات إلىطريق مسدودة بسبب النقطة 64 التي يدفع نداء تونس وإتحاد الشغل إلى تنصيصها على رحيل رئيس الحكومة فيما تصرّ حركة النهضة وأطراف أخرى على أن يتمّ حسم المسألة في مجلس النواب والتوافق حول برنامج عمل وإسم البديل ليوسف الشاهد. قبل إقالة هذا الأخير حفاظا على الإستقرار. الأزمة السياسية المتفاقمة شهدت تطورات جديدة خلال الأيام الأخيرة بعد إقدام حزب نداء تونس على تجميد عضوية رئيس الحكومة يوسف الشاهد وعرضه على لجنة النظام الداخلي بالتزامن مع موجة إستقالات تضرب قيادة الحزب وكتلته البرلمانية التي يتشبّث كثير من أعضاءها ببقاء الشاهد. في ظلّ كلّ هذه المتغيرات وقبل أيام من الإنطلاق في مناقشة قانون المالية الجديد تسرّبت أخبار إلى وسائل إعلام محلية تونسيّة مفادها إستعداد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي للإدلاء بحوار تلفزي مباشر يتطرّق خلاله إلى موقفه من الأزمة الراهنة وتتالت المؤشرات على أن الأخير يستعدّ لإعلان اللجوء إلى الفصل 99 من الدستور. ويقول الفصل 99 "لرئيس الجمهورية أن يطلب من مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، مرتين على الأكثر خلال كامل المدة الرئاسية، ويتم التصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب، فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة، وعندئذ يكلف رئيس الجمهورية الشخصية الأقدر لتكوين حكومة في أجل أقصاه ثلاثون يوما طبقا للفقرات الأولى والخامسة والسادسة من الفصل 89. عند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما". الإتحاد العام التونسي للشغل الذي يطالب برحيل رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلتحق بدوره بحركة النهضة بإعلان ضرورة حسم المسألة تحت قبّة مجلس نواب الشعب بباردو في الوقت الذي تشير فيه مؤشرات أخرى إلى أن الفصل 99 قد يمثّل بدوره مأزقا آخر مثل مأزق النقطة 64 من “وثيقة قرطاج 2”.