مسيرة غير متوقعة تلك التي مرّ بها النداء على مدى 5 سنوات ارتقى أثناءها متصدرا المشهد الحزبي بسرعة مذهلة، فقد عرف الحزب نزيف الاستقالات والتشققات، ما جعله يتراجع في ترتيب الكتل في المشهد البرلماني، ثم ينسلخ من الحكم إلى المعارضة تدريجيا، رغم أنّه موجود عمليا في الحكم بعناصر قيادية أبرزها رئيس الحكومة نفسه، وهي حالة فريدة ن نوعها في تاريخ تونس المعاصر. ومن المتوقع أن تُؤثر الأزمات التي يعيشها النداء في أدائه في المعترك الانتخابي لسنة 2019، خاصة وأن جُلّ المراقبين للشأن العام في البلاد أقرّوا بفشل الحزب في الحفاظ على الثقة التي منحها إياه مناضلوه في الجهات وهو ما تُترجمه الاستقالات التي لا تزال تعصف بالحزب. ويعزو مراقبون الفشل التسييري للحزب إلى طبيعة نواته الأساسية، حيث تشكل الحزب من قوى متناقضة الرؤى والمواقف والأجندات والأهداف، وعوض أن يجد نداء تونس آفاقا لتجاوز أزمته، تشقّق الحزب وتصدّع كيانه وفقد يوما بعد يوم عددا من قياداته وقواعده في الجهات، فأعلن نداء تونس التحاقه بصف المعارضة في محاولة للبحث عن اصطفاف جديد واستقطابات أوسع. خطوة النداء المتمثلة في الالتحاق بالمعارضة خلّفت في الواقع جدلا سياسيا وقانونيّا، باعتبار أن الانتماء للمعارضة يتطلب بالضرورة تقديم تصريح كتابي لرئاسة المجلس من الكتلة تعلمه بذلك وهو ما لم يحصل، ذلك أن هذه الخطوة ستفقد النداء رئاسة المجلس كما ستفقده منصب النائب الثاني لرئيس المجلس. على مستوى ثان فإن الانتماء للمعارضة يتطلب عدم المشاركة في الحكومة، وهو ما لم يتوفر في وضعية نداء تونس الذي يشارك في حكومة الشاهد بنحو 9 وزراء وكاتبي دولة. وفي نوفمبر الماضي، قاطعت كتلة النداء الجلسة المخصصة لمنح الثقة لحكومة الشاهد الجديدة، من أجل الضغط باتّجاه عدم تمريرها، وإسقاطها، ما يجعله وفقا للعرف السياسي يصطفّ مع المعارضة، كذلك صوّت نواب النداء ضد قانون المالية لسنة 2019 ليكون أول قانون مالية يُرفض من الحزب الحاكم منذ فوزه في انتخابات 2014. توجّه نداء تونس نحو المعارضة من الممكن أن نلاحظه أيضا من خلال الأطراف التي توجه لها رئيس الجمهورية الباجي القائد السبسي بالدعوة لحضوره الجلسة المنعقدة صباح اليوم الجمعة بقصر بقرطاج، حيث قام الباجي قائد السبسي بدعوة رئيس الحكومة يوسف الشاهد ورئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر والامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ورئيس منظمة الأعراف سمير ماجور ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والامين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق ورئيس كتلة الائتلاف الوطني مصطفى بن احمد، في حين لم تتم دعوة النداء، وهو ما يترجم إعلانه التموقع في المعارضة، لتكون بذلك جلسة اليوم أول اجتماع “قمة سياسية” لا يشارك فيها نداء تونس منذ انتخابات 2014. وفي بيان نشره سبتمبر الماضي، أعلن نداء تونس تجميد عضوية رئيس الحكومة يوسف الشاهد وإحالة ملفّه على لجنة النظام