فشلت جُلّ الأحزاب التي تصف نفسها ب”الديمقراطية الاجتماعية” و”القوى الوسطى” في الحفاظ على وحدتها الداخلية والتوحد، ولم تنجح كل محاولات تقاربها وتوحدها، وواصلت تشتتها الذي كان واضحا في الانتخابات التشريعية والرئاسية الفارطتين بعد الفشل الذريع الذي حصدته وظلت على هامش المشهد السياسي التونسي، كما تجدد الفشل في الانتخابات البلدية في ماي الفارط. ويعزو مراقبون فشل هذه الأحزاب في الالتقاء إلى أن التقاليد التي تتحرك في صلبها والتيارات السياسية في مجملها تقاليد غير ديمقراطية تقوم على أساس تثمين دور الفرد والزعامات وغيرها من النقاط التي تتنافى مع عمق الثقافة الديمقراطية، حيث أصبحت الأحزاب السياسية في تونس بمثابة القبائل المتعادية التي لا تلتقي، وبات العمل السياسي لا يتعدى صراع الزعامات ونرجسية القيادات الحزبية. وقد اختارت العائلة “الوسطية الديمقراطية” هذه المرة الالتقاء ضمن مشروع سياسي يشبه الصيغة الحالية لنداء تونس ولكنه يقوم على أنقاضه في محاولة من جديد للتكتل، في إطار حزب جديد لرئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي يقول “مُريدوه” إنّه الشخصية الوطنية القادرة على تجميع شتات العائلة الوسطية المُتشرذمة. وكان النائب عن كتلة الحرة الصحبي بن فرج، قد أكّد صراحة أن الشاهد هو الشخصية المؤهلة لتجميع العائلة الديمقراطية، مستندا في ذلك إلى الشعبية التي قال إن رئيس الحكومة اكتسبها، والتي تجعله من منطلقها مخولا لإعداد بديل يواجه حركة النهضة . أمّا الأمين العام لحزب حركة مشروع تونس محسن مرزوق، فقد أكد خلال اجتماع إقليمي انتظم يوم الأحد بصفاقس، أن أبرز التحديات التي يجب التركيز عليها سنة 2019، ليس التنافس على المناصب القيادية والزعاماتية في الانتخابات القادمة، بل توحيد كل “القوى التقدمية الوطنية” من أجل النهوض بالبلاد. من جانبه أكد النائب عن الائتلاف الوطني وليد جلاد في تصريح سابق أنّ ملامح المشروع السياسي الجديد ليوسف الشاهد ينبني على تنوع الروافد التي رافقت عملية تأسيس حزب نداء تونس، مُبرزا أن هذا المشروع سيكون له دور أساسي في المحافظة على المشروع المجتمعي ومن أولوياته لم شمل العائلة الوسطية الديمقراطية ووضع حد لحالة التشتت. و كشف وليد جلاد أنّ الإعلان عن تأسيس الحزب الجديد لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، سيكون شهر مارس القادم، حيث سينتظم مؤتمر الحزب في ولاية المنستير. وينتظر أن تكون مدينة المنستير، مسقط رأس الرئيس السابق الحبيب بورقيبة، مكان الإعلان عن تشكيل هذا الحزب، وذلك بعد عقد 24 اجتماعا تشاوريا مع عدد من القيادات السياسية والاجتماعية، معظمها ينتمي إلى الأحزاب السياسية الوسطية، والبعض الآخر كان ينتمي إلى حزب النداء، قبل مغادرته إثر خلافات عميقة مع قياداته السياسية