تتواصل النقاشات داخل الجلسة العامة بمجلس نواب الشعب، كامل اليوم الجمعة، تفاعلا مع ما جاء في خطاب رئيس الحكومة المكلّف الحبيب الجملي، وقد انقسمت طبيعة مداخلات ممثلي الكتل، خلال الجلسة، بين مداخلات ركّزت على مضمون البرنامج والأولويات التي عرضها الجملي في كلمته، وبين ما تشبّث في مداخلته بانتقاد شخص رئيس الحكومة والتذكير بموقفه كتلته أو حزبه المبدئي الرافض لحكومة الجملي شكلا دون الخوض في المضمون. وتشبّثت الكتل الرافضة مُسبقا لحكومة الجملي، وهي كتل تحيا تونس والكتلة الديمقراطية والحزب الدستوري الحر والمستقبل، في مجمل تدخّلات نوابها، بموقفها المُسبق من حكومة الجملي فارتأت تسطيح ما قدّمه وعرضه الجملي من أولويات وبرامج مُقترحة، وعوض مناقشة مضمون ما جاء في الخطاب، اكتفت هذه الكتل بمحاولة ترذيل شخص رئيس الحكومة المكلّف وتقزيم تركيبته الحكومية واعتبارها حكومة ضعيفة. وتفاعلا مع خطاب رئيس الحكومة المكلّف، اعتبر النائب عن كتلة حركة النهضة فتحي العيادي، في تصريح لموقع “الشاهد”، أن البرنامج الذي عرضه الحبيب الجملي، أمام البرلمان، في جلسة اليوم، هو ما عرضته عليه الأحزاب السياسية في نقاشاتها السابقة، وتضمن إجراءات واضحة ودقيقة. وأضاف العيادي أنه من حيث مضمون برنامج الحكومة هناك ارتياح للحكومة لأن برنامجها يختلف قليلا على برامج الحكومات السابقة تتضمن بعض العموميات والعناوين الكبرى، فيما أن برنامج هذه الحكومة متأت من برامج الأحزاب السياسية وتتضمن الإجراءات الضرورية التي يحتاجها الواقع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. وأشار العيادي إلى أن “النهضة كانت تريد حكومة كفاءات سياسية لأن حكومة الكفاءات السياسية يكون لديها برنامج وقادرة على تحقيقه وإحداث تغيير، لكن جاءت الحكومة بهذا الشكل حكومة كفاءات وطنية ونحترم هذه الكفاءات وسنصوّت لها”. في المقابل، قال النائب عن كتلة التيار الديمقراطي غازي الشواشي إن “كلمة رئيس الحكومة المكلّف الحبيب الجملي كلمة يطغى عليها الحماس، أكثر من أي شيء آخر، ولم نر تجاوزا لمرحلة الشعارات والعناوين الكبرى”. وأضاف الشواشي، في تصريح لموقع “الشاهد”، قائلا “متفقين مع كل العناوين التي قالها الجملي، لكن من سيطبّق هذا البرنامج، فحسب التشكيلة هناك نقص في الكفاءة والمصداقية والنزاهة والانسجام، كما أن ليس للحكومة أغلبية مريحة”. وتابع أن “تونس في نظام برلماني وهو يقتضي أغلبية مريحة لأي حكومة حتى تصمد وتدافع عن خياراتها وحتى تبقى أكثر وقت في الحكم”. وشدّد النائب عن التيار على أن “هذه الحكومة مبدئيا لن تمرّ ومصلحة البلاد تقتضي عدم تمريرها والمرور للمرحلة الثانية باختيار رئيس الجمهورية الشخصية الأقدر لرئاسة الحكومة”. وحول فرضية تمرير الحكومة، قال الشواشي إن “تم تمريرها فسيكون بأغلبية ضعيفة وستكون حكومة الأقليّة، وستكون حكومة النهضة مع قلب تونس ولن تصمد طويلا وستسقط في أوّل محطّة، وستزيد أوضاع البلاد سوءا وانهيارا وتردّيا”. من جهته، رأى النائب عن كتلة تحيا تونس وليد الجلاّد أن “خطاب الحبيب الجملي لا رائحة ولا مضمون له، ولم يجب على أي شيء، حيث لم يقدم مثلا موقفه من صندوق النقد الدولي، ولم يقدم طرق تعبئة الميزانية”. واعتبر الجلاّد، في تصريح لموقع “الشاهد”، أن “الحبيب الجملي فاقد الشيء لا يعطيه، وهي حكومة لن تحظى بالثقة، وخالية من أي مضمون، والحكومة لن تمرّ”.