أخبار تونس حرصت إدارة أيام قرطاج المسرحية تحت إشراف وزارة الثقافة و المحافظة على التراث على تقديم عروض مختلفة موضوعا و لغة و هي بالإضافة إلى ذلك تمثل أصواتا إبداعية من مختلف أنحاء العالم، إذ نجد في برنامجها أربعة أقسام بوبت ضمنها العروض وهي: حضور و انفتاح و اكتشافات و بانوراما المسرح التونسي. و قد كان متتبعو أيام قرطاج المسرحية مساء يوم الثلاثاء 17 نوفمبر على موعد مع مسرحية فرنسية تعرض ضمن باب الانفتاح على التجارب المسرحية الأخرى وتحمل عنوان ” حول السلالة في أمريكا” من إخراج جوزيه بلييا و تدوم 60 دقيقة و قام بدور أوباما إيريك ديلور، أما المخرج فهو جوزيه بلييا. و هي تعتبر عملا إبداعيا طريفا نادرا و ثمينا باعتباره يمثل خطاب الرئيس الأمريكي الرابع و الأربعين باراك أوباما و الذي ألقاه في إطار الحملة الانتخابية قبل توليه الرئاسة رسميا. و إن اعتبرت السياسة في غالب الأحيان حكرا على جمهور معين من الناس، فإن هذه المسرحية أهدت الجمهور عرضا سياسيا استثنائيا بكل المقاييس و جعلت الجمهور يصافح كلمات باراك أوباما بأكثر عمق و انتباه. وقدمت المسرحية باللغة الفرنسية في أداء أو قراءة للخطاب، و قد دام أربعين دقيقة، قبل فتح باب النقاش الذي دام عشرين دقيقة ومثل مساحة لجس نبض الجمهور و اكتشاف ردة فعله إزاء هذا النوع من الأعمال الإبداعية التي تنطلق من المنبر السياسي لتنتهي على ركح المسرح. و تعتبر هذه المسرحية طيرا خارج عن السرب، إذ اكتست صبغة توثيقية “احتفالية” بكلمة تاريخية تريد التأسيس لعالم جديد... و في الحقيقة يحتار النقاد في تصنيف مثل هذه الأعمال ضمن خانة المسرح أم “المسرح الوثائقي”، إذ يغيب فيها التخييل و المشاهد المركبة و الحبكة التي تميز الأعمال الدرامية لتحضر الواقعية و البساطة في المشهد و يكتسي العمل صبغة نقدية صحفية، كأننا به تقرير أو قراءة مسترسلة للواقع المعاصر. و ما يميز الخطاب السياسي عن غيره من النصوص المقتبسة من الروايات و المسرحيات الكلاسيكية أو النص الشعري هو قيامه أساسا على البلاغة التي تصبو إلى الاستمالة و الإقناع. و قد بدا ذلك جليا في نص الرئيس الأمريكي باراك أوباما، إذ ورد النص في شكل جيد التصميم و واضح الهيكل و بسيط اللغة، غير أن قراءته بتأن تجعلك تكتشف فيه مسحة شاعرية مميزة تجعله متفردا. و المسرحية هي رسالة حول العرقية أساسا “حول السلالة في أمريكا ” محفوفة بشحنة شعرية كبيرة مؤثرة من خلالها تولد رسائل أخرى لعل أهمها أن العالم البشري يمكن أن يكون أفضل إذا قبل الإنسان الاختلاف و تعايش معه وتفادي كل مظاهر الصراع والعنف و الإقصاء و التهميش و التجبر... و في إجابة عن سؤال ل ” أخبار تونس” حول إمكانية اعتبار إثراء المشهد المسرحي بالعودة إلى المشهد السياسي تيارا فنيا جديدا وكيف تتعامل الأعمال الإبداعية في فرنسا مع مسألة العرق أي هل يقع تناولها أم لا، أجاب كل من المخرج و الممثل الذي أدى دور أوباما أن: ” الخطاب يلتقي مع المسرح في قيامهما على كتابة رسالة إلى متقبل، و من الضروري اليوم تناول المشهد السياسي لأنه جزء لا يتجزأ من حياتنا. الخطاب السياسي خطاب هام...الفن هو نوع من الجدل الإنساني، الفن هو الأمل و هو اليأس...و غيره من الثنائيات و هذا الخطاب ورد محملا بعدة معان و هو أيضا يمثل نظرة استشرافية حول مستقبل الولاياتالمتحدةالأمريكية ومجموعة من النقاط الهامة التي كانت غير مرئية أو متناولة قبل ذلك...أما مسألة العرق و اللون و الميز العنصري، فتختلف من دولة إلى أخرى و تاريخ المسألتين في كل من فرنسا و الولاياتالمتحدة ليس نفسه، ففي الأولى نتحدث عن وجود عبيد في تاريخها في حين في فرنسا هناك شعوب تنتمي إلى مستعمرات فرنسية في السابق...و أعتبر أنه هناك سعي في كلا البلدين إلى مقاومة ظاهرة الميز العنصري بمختلف ألوانه و العمل الإبداعي قد يساهم في ذلك و إن كان بشكل غير مباشر .”