أخبار تونس- تستند السياسة المالية العمومية لتونس لسنة 2011 على إضفاء مزيد من النجاعة على التدخلات العمومية ورصد الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ المشاريع والبرامج العمومية المبرمجة ومزيد تحسين أداء الهياكل الإدارية والرقي بجودة خدماتها. وسيتم العمل بالخصوص على التخفيض في نسبة الدين العمومي إلى 39 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي ومراجعة الإطار القانوني والمؤسساتي للتصرف في الدين العمومي عبر الشروع في الأعمال الخاصة بإحداث "وكالة تونس للخزينة" . وينتظر كذلك إحداث "صندوق الودائع والضمانات بالمواصفات" المتعارف عليها عالميا لتكون أداة لدعم إحداث المؤسسات وخلق مواطن الشغل ورافدا لدفع الاستثمار في مجالات التكنولوجيات الحديثة والبنية الأساسية والمشاريع الكبرى. كما ستشهد السنة الجارية التخفيض في النسب القصوى للمعاليم الديوانية من 36 بالمائة إلى 30 بالمائة والتخفيض في النسب الأخرى أو الإعفاء لما يقارب 1250 تصنيفة ديوانية وتعزيز الحوافز المسندة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة المحدثة ابتداء من غرة جانفي 2011 والتي لا يفوق رقم معاملاتها 300 ألف دينار أو 600 ألف دينار حسب قطاع النشاط من طرح نسبة 75 بالمائة من أرباحها خلال السنة الأولى و50 بالمائة خلال السنة الثانية و25 بالمائة خلال السنة الثالثة. وينتظر مزيد تطوير آليات السياسة النقدية وتحسين أدائها وذلك لإرساء البنية التحتية والشروط الضرورية لضمان الانتقال على المدى المتوسط لاعتماد إطار جديد للسياسة النقدية يستهدف التضخم.
وقد تم في هذا الإطار بعث مشروع توأمة مع بعض البنوك المركزية للاتحاد الأوروبي (البنك الفرنسي والبنك المركزي البولوني وبنك السويد) سينطلق إنجازه مع بداية سنة 2011 وذلك على مدى سنتين وسيعنى بدعم القدرات الفنية للبنك المركزي لإرساء سياسة استهداف التضخم. وسعيا لإرساء التحرير الكامل للدينار وفقا لأهداف البرنامج الرئاسي للخماسية القادمة، سيتواصل العمل على إضفاء مرونة أكبر على سياسة سعر الصرف إلى جانب حث المؤسسات لاسيما المصرفية على إحكام إدارة موجوداتها واستعمال الآليات الضرورية للتصرف في مخاطر الصرف والفائدة واستعمال آليات التغطية. وتتمثل المرحلة الأولى التي تغطي الفترة 2010-2012 في استكمال التحرير الجاري وتحرير بقية عمليات رأس المال في حين تمكن المرحلة الثانية 2013-2014 من تحرير عمليات رأس المال مع تحديد ضوابط لبعض المعاملات لاسيما منها المتصلة برؤوس الأموال قصيرة المدى وإعادة النظر بصفة جذرية في مجلة الصرف بما يتلاءم مع التحرير الكامل للدينار.
وستتركز الجهود على تعزيز الإمكانات المالية للبنوك إذ سيتم العمل على الترفيع في رأس المال الأدنى للبنوك من 25 م د الى 100 م د، كما ستتواصل الجهود للنزول بحصة القروض المصنفة إلى أقل من 10 بالمائة في موفي 2011 ونسبة 7 بالمائة في موفي سنة 2014 مع حث البنوك على الترفيع في نسبة التغطية بتكوين المدخرات اللازمة وفقا للأهداف المرسومة. كما ستعمل تونس على ملاءمة الإطار القانوني والترتيبي مع المعايير الدولية للرقابة المصرفية لاسيما معايير "بازل 2" ومزيد صيرفة الاقتصاد وتقريب الخدمات المصرفية للعموم باستهداف بلوغ نسبة فرع بنكي لكل 7 آلاف ساكن في أفق 2014 مقابل فرع لكل 8500 ساكن حاليا. وستشهد سنة 2011 إنشاء مجمعات بنكية كبرى في تعزيز البعد الاستراتيجي للمنظومة التمويلية للاقتصاد الوطني على غرار القرار الرئاسي المتعلق بدمج الشركة التونسية للبنك مع بنك الإسكان إلى جانب الشروع في إنجاز القطب المالي المتخصص في تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة قصد إحكام التنسيق بين مختلف الهياكل المتدخلة في الغرض مع دعم حضور البنوك التونسية بالخارج وحث مؤسسات القرض على التواجد بالفضاء المغاربي والإفريقي وتطوير مجالات الشراكة والتعاون مع نظيراتها على الصعيدين الإقليمي والدولي. وسيقع العمل خلال السنة الجارية على تعصير الإطار التشريعي والمؤسساتي في اتجاه مزيد تحسين المحيط العام لنشاط التأمين وتنظيم القطاع عبر تحسين التغطية التأمينية للمؤسسات وللأفراد فضلا عن تطوير أنظمة التأمين على الممتلكات وعلى الأشخاص . ومن شأن هذه الإجراءات والإصلاحات المالية الإسهام في إضفاء نجاعة أكبر على السياسات المالية المتبعة لدفع الحركة الاقتصادية واستعادة نسق النمو وتمتين التوازنات الجملية للاقتصاد في ظرف اقتصادي عالمي دقيق.