قصر المعارض فيلبنت باريس الشروق من مبعوثنا الخاص فاضل الطياشي «عند وقوع أزمة فإن التشاؤم والتوقف لا يعطي نتيجة ولا يزيد الوضع الا تعقيدا ولابد بالتالي من التفكير في كيفية النهوض مجددا ورفع العراقيل ومزيد الاقتراب من الآخر» هذا الشعار رفعه اعضاء الوفد التونسي المشارك في الصالون الدولي للنسيج والملابس والجلود والاحذية الذي ينتظم بقصر المعارض بالضاحية الباريسية «فيلبنت» من 15 الى 18 سبتمبر الجاري (صالون «زوم باي فاتاكس» Zoom by fatex). الوفد التونسي ضمّ مسؤولين عن قطاعي الصناعة والتجارة وترأسه السيد شكري المامغلي كاتب الدولة لدى وزير التجارة، مكلف بالتجارة الخارجية، كما ضم حوالي 20 مهنيا ورجل أعمال من الناشطين في مجال النسيج والملابس عرضوا جانبا من منتوجاتهم بفضاء المعرض. وقد بدا واضحا ان المشاركة التونسية في هذا الصالون كانت تتمحور حول هدفين أساسيين وهما مزيد التعريف بالمنتوج التونسي الحالي في مجال النسيج والملابس والبحث عن فرص ترويجه في الاسواق الاوروبية خاصة بعد فترة انكماش الطلب التي شهدها القطاع منذ 2008 بسبب الازمة العالمية. أما الهدف الثاني فقد كان مزيد استقطاب المستثمرين الاوروبيين، لاسيما الفرنسيين لبعث مشاريع صناعية في مجال النسيج بتونس، وذلك بعد النجاح الذي عرفته هذه التجربة على امتداد اكثر من 40 عاما والذي أكسب تونس سمعة عالمية واسعة في هذا المجال. ... رغم الازمة في الندوة المخصصة للمشاركة التونسية في صالون «زوم باي فاتاكس» والتي انتظمت مساء أول أمس الاربعاء بأحد فضاءات المعرض وكانت ناجحة بامتياز على مستوى الحضور الاجنبي وعلى مستوى المضمون والنقاشات أجمع المتدخلون على ان قطاع النسيج والملابس كان من بين القطاعات الاكثر تأثرا بالازمة العالمية، وهو ما وقف عليه المهنيون على امتداد السنتين الاخيرتين... فقد أثّر تراجع الطلب من قبل المستهلكين في أوروبا على الملابس وهو ما انعكس على الصادرات التونسية من النسيج نحو هذه الوجهة... هذه الوضعية جعلت من قطاع النسيج يقفز حسب السيد شكري المامغلي كاتب الدولة للتجارة الخارجية من المرتبة الاولى الى المرتبة الثانية في مجال القطاعات التصديرية فاسحا المجال الى قطاع الصناعات الميكانيكية... ورغم ذلك مازالت صناعة النسيج «واقفة على قدميها» حسب المامغلي بعد تدخل الدولة وإحاطتها بالمؤسسات التي مرت بصعوبات عبر عدة آليات انضافت الى ما حظيت به تونس من مناخ مشجع على الاعمال والاستثمارات ومستقطب للمستثمرين الاجانب مثل الاستقرار السياسي والاجتماعي والامن. ومن جهته أبرز السيد عبد اللطيف حمام الرئيس المدير العام لمركز النهوض بالصادرات (CEPEX) اثناء تدخله في هذه الندوة ان ما شجع على تفادي أقصى ما يمكن من تأثيرات الازمة في قطاع النسيج هو شعور المهنيين بأهمية المسؤولية وتجاوبهم مع خطة الدولة في هذا المجال ولا أدل على ذلك من إقبالهم على المشاركة بكثافة في هذا الصالون (20 مشاركا) للبحث عن أسواق جديدة لمنتوجهم اضافة الى مشاركاتهم المتعددة في الصالونات السابقة واستعدادهم للقادمة... وأكد ر.م.ع «السيباكس» ان الاقتراب من الآخر والتعارف والتحاور مكّن التونسيين من امتصاص آثار الازمة العالمية ليس في مجال النسيج فحسب بل في أغلب المجالات الصناعية والتجارية. «Think Tunisia» انطلاقا من هذه العبارة التي مثلت شعار الندوة التونسية المنتظمة بالمعرض حاول المشاركون التونسيون في الصالون تمرير رسالة واقعية ذكية الى الحضور جمعت بين استعراض حصاد بالارقام للتجربة التونسية في مجال الانفتاح الاقتصادي على أوروبا خاصة مع فرنسا، الى جانب الانفتاح على بقية دول العالم وذلك على مستوى المبادلات التجارية (صادرات وواردات) وعلى مستوى الاستثمارات الاجنبية في تونس. وهذا ما مكن تونس حسب ما ذكره كاتب الدولة للتجارة الخارجية في مداخلته من احتلال عدة مراتب أولى عربيا وافريقيا اضافة الى احتلالها مراتب متقدمة في تصنيفات عالمية جاءت بها تقارير منظمات وهياكل دولية «وليست أرقاما تونسية» حسب المامغلي، وكل هذا الى جانب تحقيق تونس دوما للسبق في عدة مجالات (مثلا الاولى في ابرام اتفاقية تبادل حرّ مع أوروبا...). كما جمعت الرسالة ايضا حصاد شهادات حية لمستثمرين أجانب تحدّثوا عن نجاح تجاربهم في تونس خلال السنوات الماضية بفضل ما وجدوه من مناخ ملائم للاستثمار في مختلف المجالات وهي الشهادات التي تضمّنها شريط مصوّر بإخراج متميز تم عرضه أثناء الندوة، كما تضمّنتها ايضا مداخلات حية لمستثمرين فرنسيين في مجال النسيج حضروا بالندوة على غرار السيد «كلود تيتارد» وكذلك مسؤولين فرنسيين في القطاع مثل السيد «جون فرانسوا ليمنتور» رئيس الدائرة الاورومتوسطية لمديري النسيج والملابس و«لوسيان ديفو» رئيس اتحاد صناعيي النسيج و«جون بيار موشو» رئيس الاتحاد الفرنسي لمصنعي الملابس... وهكذا شكلت الندوة ما يشبه الدعوة المتكاملة للمستثمرين الاجانب وأيضا لأقطاب الاسواق الأوروبية حتى تكون لهم دوما ثقة تامة في تونس واعتقاد شامل بأنها أرضية ملائمة للنجاح. gagnant - gagnant ذكر السيد عبد اللطيف حمام ر.م.ع «سيباكس» أثناء مداخلته ان السياسة التجارية والاقتصادية التونسية مع الدول الأوروبية تقوم بالأساس على مبدإ الربح المتبادل «gagnant gagnant» ذلك ان الاستثمار الاجنبي في تونس يشغل اليد العاملة التونسية وهو ما من شأنه ان يرفع من حجم الاستهلاك التونسي للمواد الموردة من أوروبا وبالتالي التشجيع بطريقة غير مباشرة للصناعات الاوروبية وتشغيل اليد العاملة الاوروبية. هذا المبدأ نجح الى حد كبير الى حد الآن مع عدة دول أوروبية وهناك سعي الى مزيد تدعيمه في قادم السنوات لأنه يمثل اهم طريقة حسب السيد شكري المامغلي لاقناع الاستثمار الاوروبي بمزيد المجيء الى تونس... وضرب كاتب الدولة للتجارة الخارجية مثالا لذلك وهو أسطول السيارات التونسي المصنوع في 80٪ منه في المصانع الفرنسية وهو مساهمة بطريقة غير مباشرة لتونس (عن طريق الاستهلاك) في تنشيط الاقتصاد الفرنسي وتشغيل اليد العاملة فيه وبالتالي يجب ان يقال ذلك باستثمار فرنسي مرتفع في تونس لتشغيل اليد العاملة التونسية المستهلكة للمنتوجات الفرنسية والأوروبية بشكل عام، وليس افضل من قطاع النسيج والملابس لتحقيق هذه الغاية.