تونس هي الأولى عربيا وافريقيا، وتتقدم على أكثر من دولة راقية ومتطورة في مجال شفافية التصرف في الأموال العمومية وذلك بشهادة جهابذة أرباب الاختصاص في هذا المجال في المعمورة. وتلك ثمرة ما أعظمها وأنجعها وألذها وأطيبها ثمرة من ثمار رهان القيادة وإصرارها على الاصلاح الاداري. ربّي أنعمت فزد من ثمار هذا الاصلاح الطيبة المباركة كأن ننجح في فتح ما تبقى من الابواب المغلقة في الادارة مثل نجاحنا في فتح الشباك الموحد، حتى ندخلها من أبوابها وليس من الشبابيك حتى وإن كنا نؤمن بأن «شباك محلول ولا باب مسكر»، أو كأن نصلح ما بالنفوس وما بالعقول مما ورثناه من إدارة العهد العثماني من عقلية «أنا أو لا أحد» في أوساط الباشاوات. وحتى لا يصبح أي مسؤول منا هو ذاك «العربي وأعطاه الباي حصان» فنصب نفسه باش حامبا واختار لحجابته عن الناس باش شاوش، ولعرباته باش سائق ولقصره باش معينة، وباش خادم، وباش حارس واختار لجلساته، وهذا الاخطر من أنفلونزا الخنازير على الخلق ومن الخنازير نفسها على كل زرع وثمرة، باش مخبر عادة من يكون وجهه «باش» من أصحّ وأمتن «البيشان». ربّنا أنعمت فزدنا من ثمار هذا الاصلاح حتى لا نرى أي باش حامبا في إداراتنا أو أي فرعون فيها كذاك المسؤول الذي أقسم لي أحد الاصحاب بأغلظ الايمان أنه رآه بأم عينه وأبيها يتجول في ساحة الادارة مصحوبا بأحد الاعوان من خدمه يحمل بيمناه مطرية تظلل سيده من الحر وبيسراه مطفأة سجائر يستعملها «سي السيد» في إطار حرصه الشديد على نظافة المحيط طبعا ربنا أنعمت فزدنا من ثمار إصلاحنا الاداري الطيبة المباركة كأن نرى محيط إداراتنا نظيفا وبيئتها سليمة من الفراعنة «المحنطين» حتى وإن كانوا قلة نادرة جدا، جدا، جدا.