إن التاريخ مؤلم بألم الأحداث الدامية، لكن عندما يأتي الألم من أشقاء في صلب عائلة واحدة اسمها النادي الرياضي لحمام الانف فإن «وخزة» الشوك تصبح طعنة سكين تبقى آثارها عميقة عمق بحر الضاحية الجنوبية. بطل هذه القصة ليس إلا خالد حسني الذي تعتبره جماهير «الهمهاما» احد العلامات البارزة في تاريخ الفريق منذ 1943 وهو الذي كرّر مرارا «إنني خلقت للذود عن ألوان نادي حمام الانف». حسني جعل الناس طبقتين متباينتين وهو يلبس لهما لباسين مختلفين: فطبقة من المشاهدين امتدت رقعتهم من بنزرت الى بن قردان يلبس لهم لباس الجدية والتحفظ في كل كلمة وفي كل خطوة ويأتي بالفصول لتفسير أصول اللعبة ويعلم الناشئة من حين الى آخر أصول الأخلاق!! أما الطبقة الثانية فيخلع عندهم لباس الجدية والحزم ويلبس لباس الكلام الآخر وهو ما أقدم على فعله مساء الجمعة اثر نهاية تمارين الفريق دون ان يراعي حتى قدسية هذا اليوم.. حسني قدم على عجل وأوقف سيارته على قارعة الطريق فاعتقدنا وليتنا ما فعلنا انه قدم ليساهم في لملمة جراح فريق بوقرنين تحت شعار «على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم» لكن صاحبنا خيّب الأمل وتوجه بعبارة مخجلة تجاه هيئة الفريق وقد أورد تلك العبارة في صيغة الجمع!!! في وقت بقي فيه كل من كان موجودا حائرا مبهوتا. حتى قضي حسني حديثه، في مشهد لن يزيد الفريق الا إنهاكا.. برقية مضمونة الوصول التثبت والتحري قادنا الى ان حسني أراد ان يبعث الى رئيس الفريق من آونة الى أخرى رسائل تؤكد له انه لن يهدأ اي ان ثمة تصعيدا دائما تجاه السياسة التي يسلكها في صلب الفريق. لكن تلك العبارة هزّت كيان رئيس الفريق من جذوره ومن المؤكد انها شكلت في نفس الرجل عبءا حقيقيا بعد ان وجد نفسه يهان وسط المسؤولين واللاعبين والمتفرجين، والمارين والأمر «الأغرب» من ذلك كله ان رئيس الفريق التزم الصمت ولم ينطق ببنت شفة!!! بالرغم من انه بالأمس القريب وفي المكان نفسه زيّنت له نفسه التطاول على أحد الصحفيين وقال له بالحرف الواحد «سأفقأ عينيك!!!» ولكن يبدو انه لم يستطع ان يردّها هذه المرة عندما وجد نفسه تجاه أحد رموز الفريق حتى وإن لم يكن حافظا للسانه.. عملة واحدة ان هذا المشهد اكد ان الرجلين وجهان لعملة واحدة فكلاهما يجيد لعبة الصورة اما خارج الإطار فيقدمان على فعل العكس.. وقد كشف هذا الصدام ان المودة بين الرجلين سريع انقطاعها.. بطيء اتصالها كالكوز من الفخار يكسره ادنى عبث ثم لا وصل له أبدا.. إن من نصّب نفسه للناس معلّما فعليه ان يبدأ بتعليم نفسه وتقويمها في الرأي واللفظ وان من ذهب حياؤه ذهب سروره ومن ذهب سروره مُقّت.