عاجل/ حجز اكثر من 300 صفيحة "زطلة" وكمية من "الكوكايين" بهذا الحي من العاصمة    كأس افريقيا للأندية الفائزة بالكاس للسيدات: تأهل الجمعية النسائية بالساحل الى الدور نصف النهائي    عاجل/ بريطانيا تستدعي سفيرة اسرائيل لديها وتتّخذ هذا الإجراء    من الهند إلى تونس: عيد الألوان يغسل الحزن بالفرح    جمعية الصحة العالمية تعتمد اتفاقية الوقاية من الجوائح التي كانت تونس اول من دعا اليها    كرة اليد: مكتب جديد للرابطة النسائية برئاسة محمد علي الزياني    3 شركات ناشئة تونسيّة تتأهل للقائمة المختصرة لكوالكم "صنع في أفريقيا 2025"    توننداكس يزيد ب10،25 بالمائة نهاية الثلاثي الأوّل من 2025    تونس: صابة قياسية في الفستق    تشامبرز: لن نعترف بأي قرارات جديدة من هيئة دخيل قبل استشارة فريق عملي    كانوي كاياك: استحقاقات دولية هامة تنتظر أحمد سليم الجماعي خلال شهري جوان وجويلية القادمين (المدير الفني للجامعة)    في قضية رجل الأعمال يوسف الميموني: تمديد الإيقاف التحفظي بمحام    عاجل/ نتنياهو يهاجم هؤولاء الرؤساء..وهذا هو السبب..    بالفيديو تعرف على المشهد الذي أبكى عادل إمام وتفاصيله    اتهام ابنتي نور الشريف بالاستيلاء على مليون جنيه    خلال ندوة رفيعة المستوى بجنيف.. تونس تبرز تجربتها في المشاركة المجتمعية في السياسات الصحّية    مشروع تنظيم صالون البناء في مصراتة بتنظيم مشترك بين غرفة التجارة بصفاقس ونظيرتها الليبية.    10 سنوات سجنا لمروج كوكايين بحي النصر والمنازه    كأس تونس لكرة القدم : تعيينات مباراتي الدور نصف النهائي    وزير الصحة يؤكد استعداد تونس لتكون منصة إقليمية لتصنيع اللقاحات والأدوية    أمطار أفريل: الشمال والوسط يُسجّلان معدلات قياسية    هذا موعد عودة درجات الحرارة الى المعدلات العادية..    في عيد الأم: 6 هدايا بسيطة... بقلوب كبيرة!    مجدي الكرباعي : "رابطة حقوق الإنسان دافعت عن المهاجرين ولم تصمت عن الترحيل القسري"    جريمة قتل مروعة/ فصل رأسه عن جسده: شاب ينهي حياة والده شيخ 95 سنة..!    الدورة الأولى لتظاهرة 'في الكتابة المسرحية' من 29 الى 31 ماي الجاري بمركز الفنون الدرامية والركحية بأريانة    ساحة باردو: تحويل جزئي لحركة المرور ودعوة مستعملي الطريق إلى الحذر    مصر: سقوط طائرة عسكرية ومقتل طاقمها    نقابة التاكسي الفردي: نسبة نجاح الإضراب تجاوزت 95% وتعليق مؤقت في انتظار نتائج التفاوض    في هذه الولاية..وفرة في الأضاحي وأسعار أقل ب150 دينار مقارنة بالسنة الماضية    بشرى سارة: انخفاض أسعار الأضاحي بهذه الولاية..    انطلاق عملية التسجيل وإعادة التسجيل في رياض الأطفال البلدية التابعة لبلدية تونس للسنة التربوية 2026-2025    طرابلس: العثور على 58 جثة مجهولة الهوية في مستشفى    فلاحو تطاوين يرفضون تسعيرة 21.900 دينار للكيلوغرام الحي: ''السعر العادل يبدأ من 26 دينارًا''    إطلاق خط جوي جديد دبلن – النفيضة    البنك المركزي الصيني يخفض معدلات الفائدة الرئيسية لمستويات قياسية    شركات الحراسة تردّ: لسنا فاسدين... ونخضع للرقابة القانونية    تقلبات جوية منتظرة بداية من هذا التاريخ    السجن ثم السفارة: المصادقة على تعيين أب صهر ترامب سفيرًا بفرنسا وموناكو...مالقصة؟    غياب الترشحات لرئاسة وعضوية الهيئة المديرة للنادي الصفاقسي    نابولي وإنتر دون مدربيهما في الجولة الختامية من الكاتشيو    طهران: تونس تدعو دول منظمة التعاون الاسلامي إلى إقامة شراكة متضامنة ومستدامة في مجال البحث العلمي    طقس اليوم: ظهور خلايا رعدية محلية مرفوقة بأمطار    رئيس الجمهورية: الثورة التشريعية لا يمكن أن تتحقق الا بثورة في إدارة المرافق العمومية    النائب رؤوف الفقيري: السجن لكل من يُمعن في التشغيل الهش... ومشروع القانون يقطع مع عقود المناولة نهائيًا    الجزائر تتهم فرنسا بخرق اتفاق الجوازات الدبلوماسية    صفاقس: افتتاح وحدة حديثة لتصفية الدم بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر    أريانة...المدرسة الإبتدائية حي النصر.. تتويج جديد عن فيلم «l'empathie»    المهدية... في اختتام شهر التراث.. «الجبة» واللّباس «المهدوي» في قائمة «اليونسكو»    خلال الحفل السنوي بفرنسا...تتويج تونسي في مهرجان «كان» السينمائي    موعد رصد هلال ذي الحجة    تصريح مؤثّر من والد رحمة لحمر بعد الأحكام الأخيرة في القضية.. #خبر_عاجل    هذا موعد رصد هلال شهر ذي الحجة..#خبر_عاجل    الخطوط التونسيّة تؤمن 44 رحلة لنقل 5500 حاج خلال موسم الحج    رصد هلال ذو الحجة 1446 ه: الرؤية ممكنة مساء هذا التاريخ    لا تُضحِّ بها! هذه العيوب تُبطل أضحيتك    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: أنس جابر تتقدم مرتبة واحدة    من تجب عليه الأضحية؟ تعرّف على الشروط التي تحدّد ذلك    









كيف سيكون المشهد السياسي؟ (الحلقة الثالثة): المأزق يُطوّق بالإرادة الرئاسية
نشر في الشروق يوم 14 - 11 - 2009

تخلّص الحزب الحاكم من صفة الاشتراكية، وغيّر الحزب الشيوعي تسميته كليا، وظهر هيكل لحزب ليبرالي، وعدّلت أحزاب أخرى صفتها وهي خجولة ومرتبكة في فكرها وإيديولوجيتها.
وعمّ العالم اقتصاد السوق وبدأت العولمة تكتسح، وظهرت نظرية نهاية التاريخ بعد ان سقط جدار برلين بكل رمزيته المسلّحة سياسيا وإيديولوجيا.
واختار اتحاد الشغل المنافس التاريخي، ان يتحالف بكل وضوح مع التحوّل وأن يفضّ ارتباطه بالأحزاب وأن يتعامل معها، ومع الجمعيات الوطنية المؤثّرة تعاملا عاديا. وتم استنفار المرأة للعمل الوطني والسياسي حتى تدافع عن مكاسبها، وتحافظ على حقوقها أمام هجمة التطرّف. وسقط اليسار في الجامعة بالضربة القاضية. ونفر الشباب والمثقفون من العمل السري، ومن التنظيمات «الليلية» وجدّدت منظمة طلبة التجمّع ثوبها وقامت بعمل شبابي جبّار ونضالي مثمر.
أما الشعب، وهو الفيصل والحكم فقد إنكبّ على كل تلك الفرص التي تمنحه تطوير حياته المادية، وتكسبه امتيازات للتقدم والرخاء، مع تفويض تام منه لطبقته السياسية ونخبه لتفعل ما تراه صالحا، وميل منه الى رجل التحوّل والى حزب التغيير الذي انتفخ في عدد منخرطيه بدرجة مذهلة حقا.
وعندما تغيّر المشهد كليا تغيّرت بالضرورة لغة الأرقام والحسابات السياسية. وظهر ان التنافس إن هو حافظ على شكله القديم فإن الغلبة والفوز ستكون لصالح التجمع الدستوري الديمقراطي. هذا ما يقوله الواقع، ولكن في هذا الواقع، يوجد تناقض كلي سواء مع أمل التعددية وتمثيلية كل الأطراف، أو مع منطق العصر وتبشيره بالديمقراطية.
انه المأزق.
مأزق كان يحتاج ليس الى عبقرية الرئيس بن علي فقط، بل وأيضا الى صدقة وإيمانه العميق بالديمقراطية وحقوق الانسان، والى قوّته ومصداقيته وحزمه في مواجهة المأزق وأيضا مواجهة قوى الجذب الى الوراء، ترى ان السياسة تنافس وصراع، لا وفاق وتأقلم مع متغيّرات وأن احزاب المعارضة الضعيفة عليها ان تتدبّر أمرها وأن تحسم أوضاعها وأن تهتمّ بشأنها من غير مساعدة من الطرف الرسمي، ومن غير هبات حتى في مستوى نصوص القانون.
لكن الرئيس رفض هذا المنطق، بكل المعاني السياسية والأخلاقية ولم ينس يوما أنه رئيس كل التونسيين وأنه على العهد والوعد ماضيا في تكريس التعددية، وفي دعم الديمقراطية وفي تثبيت حقوق الانسان بكل معانيها فلا مجال للتراجع، ولا مكان لاستدعاء الماضي، وأيضا لا استسلام أمام واقع يتناقض مع أمل وأمنيات.
وعلى الرغم من هذه الحقائق أشاع بعض المكابرين، وروّج بعض «العميان» ان الأوضاع في تونس تتراجع بينما هي بوضوح كانت تتقدّم أولا وأخيرا انطلاقا من إرادة رئاسية منحت أحزاب المعارضة التواجد لأول مرة في تاريخ تونس تحت قبة البرلمان.
وقد تطوّرت في نسبتها الى 25٪ خلال التشريعية الفارطة، وكثّف الرئيس من لقاءاته برموز هذه الأحزاب مستمعا ومتفاعلا، ومتخذا مبادرات عملية لدعم الأحزاب ماليا وقانونيا، ولحمايتها من رواسب تعاملات إدارية بقيت حسّاسة تجاه هؤلاء الوافدين.
وأعتقد أنّ الرئيس عدّل في هؤلاء حتى تنشأتهم السياسية، فوعوا من خلاله بأن المعارضة عليها أن تدرك بأن دورها هو أبعد بكثير من الوقوف كحائط صد أمام منافسيها وأنها عندما تلج المؤسسات الدستورية وتتمثل في الهياكل العليا، فإنها تكون وقتها مضطلعة لمهمة وطنية، فيتزايد حجم مسؤوليتها، وتتحمل بالتالي وزر ذلك الدور الوطني الجليل وأعتقد أيضا أن الرئيس عدّل في حزبه بأن صفحة ا لحزب الواحد قد طويت نهائيا، وأن المشهد عليه أن يتحمل كل طرف سياسي مهما كان موقعه، وأن زمن حكم الفرد انتهى وأن عصر الخطاب الواحد والتوجه الواحد ولّى لغير رجعة.
وهذا التعديل لا يكون بين يوم وليلة، ولا يكون بإرضاء طرف على حساب آخر، ولا يكون أيضا بالقفز على الواقع وتجاوز شروطه، وكيف يكون كذلك وهو أي الواقع حتى بإفرازاته المنطقية صعب المراس، معقّد العناصر، يحتاج إلى تغيير عبقري وهادئ، وإلى ضبط وتليين عدة أطراف ومن مواقع مختلفة، رسمية وغير رسمية وبمصالح متناقضة وبأمزجة لا تلتقي.
فمن هذا الذي كان قادرا في تونس على التوفيق بين كل هؤلاء، غير بن علي الذي كان في نفس الوقت يصنع قاعدة انطلاق تونس اقتصاديا واجتماعيا وسط ظروف دولية ضاغطة وصعبة لا مكان فيها لأي قرار خاطئ في محتواه أو في توقيته والذي كان يشرف على دمج اقتصاد تونس في النسيج الاقتصادي العالمي وما تحمله عملية الدمج من تحديات والذي كان يسهر على الاستقرار وأمن تونس في محيط كلّه ديناميت وبارود؟
ويحق السؤال التالي أيضا، أين تراجعت أو حتى وهنت الإرادة الرئاسية في تشكيل مشهد سياسي جدير بالوعود السابقة ومتماش مع متطلبات العصر أين بالضبط؟
إنه سؤال ينتظر إجابات واضحة لا مزايدات بلا معنى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.