من الأمثال الفرنسية المنتشرة بين الشعوب قولهم: «ملوكي أكثر من الملك» ومعناه نفس الشيء الذي يعنيه مثلنا الشعبي الشهير والقائل: «العزري أقوى من سيدو». وكلاهما يرمز ضمنيا الى المبالغة في استغلال النفوذ والتسلط من طرف من لا سلطة لهم عُرْفا وقانونا اطلاقا كأن يمارس «خمّاس القايد سلطة القايد» مثلا. او كأن يستغل «هيدوق» الشيخ سلطة الشيخ. والعاقلون يخشون هذا الخماس وهذا «الهيدوق» أكثر من خشيتهم من «القايد» والشيخ نفسيهما. ولعلّ ما يختزل هذه الظاهرة في هذا الغرض بالذات قول الأجداد: «عرْبي واعطاه الباي حصان» ليس مهما ان كان هذا «العرْبي» عربيا أصيلا ان جاز الحديث عن الاصالة عند هذه الشريحة في هذا الموضع أصلا او شركيا مهجّنا. ولا يهم ان كان هذا الحصان عربيا أصيلا او «فنْشا» من سلالة الأحصنة الأقزام في جبال «الآلب» و«البيريني».. وليس المهم في فروسية الراكب. ولا في استقامة قوائم المركوب. وإنما المهم والأهم هو معرفة ما يرضي ويشفي غليل هذا الحصيْن من وفرة في العلف. واتساع في المخلة. ففي قاموس العامة إذا كانت البعرة تدل على البعير، فإن المخلة تدل على التمخيل. ومخلّ يمخّل تمخيلا معناه أكل مباشرة من المخلة دون عناء. يروى ان شابا زاره هذا «العربي وأعطاه الباي حصان» وطلب منه ان يوفر له بيض الديك. وعسل اليعسوب. وحليب الغولة. فما كان من الشاب الا ان شمّر على رجليه وأطلقهما للريح هاربا لا من احجاف الطلب. ولا من «العرْبي» ولا من حصان الباي وإنما لأنه يدرك ان ذاك العربي وذاك الحصان يشتركان في طبيعة واحدة وهي ان كلاهما يأكل ويصكّ في نفس الوقت.