كانت الساعة تشير الى التاسعة والنصف صباحا لما ولج المتهم الفرع البنكي الواقع بقلب المدينةبصفاقس متظاهرا بمحاولته لصرف بعض الأموال.. لكنه لما اكتشف أن الفرع خال تقريبا من الموظفين باستثناء العدد القليل منهم ارتدى «قناعا» وهدد الموظفين إن هم لم يسلموه ما يتحوزونه ويتصرفون فيه من أموال.. هكذا كانت البداية، لكن النهاية لم تكن كذلك بالمرة، ففي دقائق محدودة وجد الشاب نفسه بلا قناع أمام باحث البداية يدلي باعترافاته على جريمته بعد أن كشفه جهاز الانذار وألقى أعوان الأمن القبض عليه.. هذه الواقعة جدت صبيحة أول أمس بقلب مدينة صفاقس، وبطلها شاب من مواليد 1989، وهو حريف معروف لدى الفرع البنكي الذي حاول السطو عليه، بل ان كل الموظفين بالبنك يعرفونه مليا ويحفظون عن ظهر قلب نبرات صوته التي لا تغيب عليهم بقناع أو بغيره. تعامله المتكرر مع الفرع البنكي الواقع بقلب مدينة صفاقس أوحى له بالسطو عليه، لكن يبدو أن قلة خبرته بعالم الجريمة جعله يقدم على محاولة تبدو فاشلة منذ البداية، بل أن البعض الآخر ذهب الى التأكيد الى أن الشاب يعاني من أزمات نفسية وربما قصور في التفكير جعله يحاول مثل هذه العملية الفاشلة.. محاولته لم تدم طويلا، فلما ولج البنك وظن أن عدد الموظفين القليل يمكن السيطرة عليه، ارتدى القناع الذي كان مجرد جورب نسائي واقترب من الموظف الموجود على «الكونتوار» وهدده بنبرة مرتعشة تكشف خوفه وطلب منه بصوت خافت تسليمه الأموال التي بحوزته والتي كان لحظتها يعدها لا يخفي وراءه مجرما محترفا أو على الأقل من ذوي السوابق العدلية.. الموظف وبكل برودة أعصاب، تظاهر بالتفاعل مع الشاب وجذب معه أطراف الحديث حول قلة الأموال الموجودة بالبنك موحيا باستجابته للطلب دون قيد أو شرط، لكنه في نفس الوقت ضغط على جهاز الانذار وهي «الضغطة» التي وصل صداها أقرب مركز أمن، وما هي لحظات فقط حتى اقتحم رجال الشرطة مقر الفرع البنكي وألقوا القبض على المتهم الذي ولئن حاول الفرار، إلا أن كل محاولاته كانت فاشلة كفشل فكرته في أصلها. في لحظات فقط، وجد الشاب نفسه بلا قناع ليتعرف عليه كل الموظفين ويتم جلبه الى مقر الفرقة العدلية بصفاقس معترفا بكل ما نسب إليه بأسلوب يدل على سذاجة تفكيره.. المتهم الآن رهن الايقاف في انتظار استكمال الأبحاث معه وعرضه على مختص في علم النفس خاصة وان تفاصيل محاولته وطريقته في «تبرير» تصرفه توحي للجميع بسذاجة وبساطة في التفكير قد تخفي اختبالا ذهنيا وهو ما يحرص المحققون على فهمه لتحديد مسؤولية صاحب عملية السطو الفاشلة.