سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مذكرات سياسي في «الشروق»: الأستاذ أحمد بن صالح وأسرار وخفايا تنشر لأول مرة (144): خمس سنوات إعفاء من الضرائب لمن يبني نزلا في تونس: هكذا ازدهر المشهد السياحي
حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي قال «سي أحمد بن صالح» مواصلا كلامه عن برنامج السياحة في تونس، وكيف أرسي عبر الصعاب والصعوبات: «كان المعرض مفاجأة للجميع... فقد وضعنا فيه كل ما أصبحنا ننتجه لفائدة السياحة، ومنها القوارب للسياح، وكان المعرض، ومحتوياته، عبارة عن دعاية كبيرة لمشهد سياحي بدأ ينشأ في تونس، بداية الستينات، لأن العملية التي أقدمنا عليها، في مجال السياحة، لم تكن نزهة، بل كانت تكوينا لخط جديد للثروة في تونس، اعتمدنا فيه، كما ذكرت استغلال المناخ (الشمس) والطبيعة (البحر) والثروة البشرية في تونس. هذا دون احتساب عدد الشباب الذي دخل مجال التعليم السياحي وفنّ الفندقة، كان هناك حذر من أصحاب الاموال، للاستثمار في مجال السياحة وبناء النزل... كلّ له أسبابه، لكننا توصّلنا كدولة، وفي ظرف سنتين أو أكثر بقليل، الى تأمين مشهد سياحي يتألف من ثلاثة (3) آلاف سرير. وواصل صاحب المذكرات قوله: «لم يكن ممكنا أن تقدم الدولة أكثر، في هذا المجال، فأعددت رد فعل على هذه الوضعية، بالاتفاق مع رئيس الدولة»... سألت «سي أحمد» وقد بدأت علامات الجدية تتصاعد، سألته عن القرار الذي تحادث فيه مع رئيس الدولة، فأشار عليّ بأن أنتظر بقية القصة: «ذهبت الى أحد أكبر الاختصاصيين التونسيين في مجال السياحة، الطاهر الفراتي، وهو المتخرّج من المدرسة السياحية بلوزان بسويسرا «Lللهapos;Ecole Hôtelière de Lausane» وله تجربة مهمة، وقد شيّد أول نزل خاص، في الحمامات... كنت أعرفه جيدا، تقابلت معه، وسألته قائلا: أريد أن آخذ رأيك، سي الطاهر، في مسألة. لنفرض أن وزيركم (يعني وزير التخطيط والمالية، وهي الخطة التي يشغلها المتحدث) «فلت له الزّمبراك» ويعلن أن كل إنسان (تونسي) يبني نزلا سياحيا، يتمتع بخمس سنوات، يكون فيها معفى من كل أنواع الضرائب والاداءات؟ فرد الطاهر الفراتي بحماس وفرح شديدين: هذا سيكون رائعا... Ça Sera le Boom. كان هذا الحوار، قد جدّ بيني وبينه يوم سبت، وقد حدث ذلك بعد أن تحادثت مع رئيس الدولة واتخذ القرار، وقدمت المشروع الى بورقيبة، الذي كانت عندي بخصوصه الموافقة المبدئية من رئيس الدولة، ولكني لم أعلم الفراتي بذلك... وجاء يوم الاثنين الموالي للسبت، وأعلنّا يوم الاثنين عن القرار، الذي كان موضوع سؤالي وسبر لرأي الفراتي فيه، وأصبح المشهد السياحي في تطور مطرد، وسبقت تونس عديد البلدان في مجال تشييد وبناء النزل... وكان أن تبلورت الخطة، ودخل المجال عديد المستثمرين، وكانت الروح التي يعمل بها الجميع، روحا حيّة... وتتسم بالنهوض»... وهنا كشف «صاحب المذكرات» النقاب، عن أن المخطط الانتقالي، الذي احتضن هذه المشاريع من سياحة وصناعة وفلاحة، تواصل لثلاث سنوات، وكان التفكير شاملا، يهم كل المجالات... فيها الرقيّ بالانسان وتصفية الاستعمار، والتنمية الجهوية بنفس المستوى... فكانت الحملة شاملة وجامعة والمخططات تعنى بكل المناطق، من قفصة الى قابس ومن القيروان ومنزل بورقيبة الى سوسة وباجة والكاف والقصرين وغيرها من مناطق البلاد... من جهة أخرى، نشير الى أن نفس الفترة، عرفت تطوّر قطاع النسيج في تونس، وأصبح لدينا مصنع كبير لتركيب السيارات STIA... ولم نزل في هذا الجو الحي والمتحرك، حتى جاء مؤتمر بنزرت وأصبح الحزب، في نفس الوقت أداة الدفع والتفكير والبيداغوجيا»... ماذا يقصد «سي أحمد» بجملته الاخيرة؟ هذا ما سنعرفه بإذن الله في الحلقة القادمة.