فراغ برامجي تعيشه فضائياتنا التونسية اليوم وبالرغم من تطوّرها العددي إلا أنها باتت تتسابق نحو العقم البرامجي... 4 فضائيات تونسية تتمعّش من المسلسلات الأجنبية المستوردة المستهلكة بثتها الفضائيات العربية منذ زمن. 4 فضائيات تونسية تتنافس لتبث سهرات نهاية الأسبوع ولتشد الجمهور بشعار الجمود وتكريس الرداءة والتفاهة والتقليد الباهت والجاف... فنستمع الى عربية «متفرنسة» ونقصد هنا بتلك العبارات المنطوقة بلغتين مزدوجتين وهل يعقل هذا في فضائيات يشاهدها الملايين؟ ولغة ركيكة مشوّشة وجمل انقلبت موازينها تداخل فيها الفاعل بالمفعول به... فأين المفرّ من هذه الزوبعة وهذا الخلط المفاهيمي الذي تعيشه فضائياتنا التونسية؟ ومتى ستستفيق من هذا الركود والجمود؟ وتلغي عقدها مع زياد برجي وأمثاله. وتهتم بالبرامج الدّسمة وتصلح من حالها واعوجاج لغتها... وتهتم بالبرامج التثقيفية وحتى الترفيهية لكن بطريقة تشدّ المشاهد لا تنفّره، كفاكم سباتا ونوما في العسل أيها المشرفون عن البرامج التلفزية، إنها الكارثة بدأت تلوّح بشراعها. إننا نعيش اليوم في حرب اعلامية البقاء فيها للأقوى... الفضائيات العربية والاجنبية سبقتنا بعقود من الزمن ونحن مازلنا نحيا في زمن المسلسلات المكسيكية والتركية و«مهما كان الثمن» و«دموع الورد» وميرنا وخليل فبدل أن نبث دموع الورد فلابد أن نذرف دموع الدم على فضائيات مازالت تعيش تحت وقع الراقصات وفنّاني الكباريات ورومنسية المسلسلات التي غزت النفوس الضعيفة ولوثت أفكارهم وقيدت عقولهم لتبقى عند هذا المستوى. فأين نحن من تاريخنا وثقافتنا وتقاليدنا وعاداتنا وحضارتنا...؟ ألا يمكن أن تستثمر كل هذه المعطيات لانتاج مادة متنوّعة تجمع بين التثقيف والترفيه وترتقي بمستوى برامج تلفزاتنا التونسية؟