وزيرة العدل تصدر قرارات بالسراح الشرطي شملت 462 محكوما عليه    تقدم موسم تجميع الحبوب لصابة 2025: حوالي 827 ألف قنطار إلى غاية 3 جوان 2025    عاجل/ المتّهم بقتل هشام الميراوي يمثل أمام القضاء الفرنسي (تفاصيل)    لماذا تُعدّ كسوة الكعبة الشريفة الأغلى في العالم؟    وزير خارجية بلجيكا: حصار إسرائيل لغزة "فضيحة مطلقة"    دخول قافلة مساعدات إماراتية إلى قطاع غزة محملة ب 1039 طنا    كأس العالم للأندية: البرنامج الكامل لمواجهات دور المجموعات    تونس- المغرب : تاريخ حافل بالإثارة والتشويق وأفضلية مغربية في آخر 5 مواجهات    حاجب العيون: وفاة رضيع ال4 سنوات واصابة 21 أخرين في انقلاب سيارة خفيفة    جريمة مروّعة في بوسالم: رجل يطعن طليقته ويحاول إحراقها... والضحية في حالة حرجة والجاني في قبضة الأمن    نجوم الراي في حلقة استثنائية من برنامج "أنا والمدام" على قناة تونسنا    قصة أمل من قابس: منزل جديد لأطفال فقدوا عائلتهم في حريق    ما بعد ركن عرفة: بداية أيام التشريق واستعدادات التونسيين لرمي الجمرات    هل السخانة أثّرت على حجاج تونس في عرفة؟ المنسّق الصحي يطمئن العائلات    استعدادا لبطولة العالم (بولونيا 2025): المنتخب التونسي للاواسط لكرة اليد يواصل تحضيراته بمدينة الحمامات    القصرين: حملات تلقيح الأغنام والأبقار فرصة لتحيين المعطيات وتحديث الأهداف للسنوات المقبلة    وزير الفلاحة يفتتح موسم الحصاد بزغوان    ورشة عمل بتونس العاصمة لاطلاق برنامج ارضي تونس للحد من تأثيرات التغيرات المناخية على انتاج الحبوب والزياتين    المنستير: تخصيص كميات استثنائية من مادة الفرينة للمخابز بالمناطق الشاطئية خلال الموسم الصيفي (المدير الجهوي للتجارة)    روسيا تغلق المجلس الثقافي البريطاني    مسؤول يوضّح: ''فمّا مراجعة في أسعار العرس'' في مسبح البلفيدير    النجم الساحلي ينفي الأخبار الرائجة حول المكشر    ولاية نابل قطعت خطوات هامة في رقمنة المنظومة الصحية (المدير الجهوي للصحة)    بلدية سليانة تستعدّ لعيد الإضحى تحت شعار "عيد دون جلود"    جورجينيو يودع آرسنال من أجل كأس العالم للأندية !    مدنين: إحباط تهريب هواتف بقيمة تفوق 690 مليون وفتح تحقيق أمني عاجل    عاجل/ أمطار منتظرة عشية اليوم بهذه الولايات..    بطولة رولان غاروس: ديوكوفيتش يفوز على زفيريف ويضرب موعدا مع سينر في نصف النهائي    بطولة انقلترا: تشلسي يحسم صفقة مهاجم إيبسويتش تاون ديلاب    عاجل/ إيقاف عشرات الحجاح يحاولون التسلل إلى مكة سيرا على الأقدام عبر الصحراء..!    إقبال قياسي على لحوم الدواجن في عيد الأضحى بتونس    مشهد مهيب.. الحجاج على جبل عرفة (فيديو وصور)    المنتخب البرتغالي يتأهل لنهائي رابطة الأمم الأوروبية بثنائية في مرمى نظيره الألماني    عمره عامان.. وفاة رضيع بعد أسابيع من التعذيب على يد جديه    "لسان بايدن" تنقلب عليه لتكشف عن فضيحة    ترامب يحظر على الطلاب الأجانب الدراسة في جامعة هارفارد لمدة 6 أشهر    معدات طبية جديدة تعزز خدمات مستشفى بن عروس    رئيس الجمهورية: لا مجال للتفريط في مؤسّساتنا ومنشآتنا العمومية، وسيتمّ تحميل المسؤولية القانونية كاملة لمن خرّبها    بينها 4 بلدان عربية: ترامب يحظر دخول مواطني 12 بلدا لأميركا    على عرفات: ضيوف الرحمن يؤدون ركن الحج الأعظم    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    وزارة الدفاع الليبية ترحب بترتيبات "المنفي" لإخلاء طرابلس من المظاهر المسلحة وجهاز الردع يدعم المبادرة    في تونس، السفير الإيطالي يحتفل بعيد الجمهورية ويدعو إلى شراكة متوسطية أقوى    نحو رقمنة شاملة للقطاع السياحي    المُثَلَّثُ الشُّجَاعُ والمُسْتَطِيلُ اُلذَّكِيُ    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الكاتب حسونة المصباحي    تقدم موسم تجميع صابة الحبوب: القيروان في المرتبة الأولى    أخصائية في التغذية ل«الشروق»...نصائح لتفادي الأخطاء الغذائية!    البنك المركزي يدعو لتأمين استمرارية عمليات السحب من الموزّعات خلال العيد    طليقة احمد السقا تخرج عن صمتها لأول مرة    تظاهرة "لنقرأ 100 كتاب" للتشجيع على المطالعة والاحتفاء بالكتاب والكتابة    يوم عرفة: توصيات هامّة من مفتي الجمهورية ودعوة لتجديد العهد مع رسول الله.. #خبر_عاجل    جلسة عمل استعدادا للمشاركة التونسية في المعرض الكوني "اكسبو اوساكا 2025" باليابان    لمن يُعانون من مشاكل المعدة... نصائح ضرورية قبل تناول لحم العلوش في عيد الأضحى    ثماني سهرات فنية ضمن برمجة الدورة 49 من مهرجان دقة الدولي    يا تونسي، هل أنت مستعد ل''حجة علوش'' صحية؟ !    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    بمناسبة عيد الأضحى.. تعرف على الطريقة الصحية لتناول اللحوم لمرضى السمنة والسكري..    









رأي: في الميزات التفاضلية ومسالك التنمية (1): الحوض المنجمي مثالا
نشر في الشروق يوم 02 - 02 - 2010


الى معلّمي الاول (حمد بن الطيب)
توطئة:
للوهلة الأولى، كاد كاتب المقال أن يزيح العنوان المشار اليه أعلاه، ليستبد له ب «كيف يشكو من الظمأ من له هذه العيون».
وهذه العيون، هي عيون الحوض المنجمي، عيون ماء وعيون مها (ومها قد تعني لا في لهجة سكان الحوض).
وجب أن نشير منذ البدء، أنه يُعنى بالميزات التفاضلية منحاها الاقتصادي البحت Avantages comparatifs فلا فضل، ولا مفاضلة كما قد يذهب لذلك البعض ممّن لم يفهم بعد أن اللفظ مستبطن «للمعاني»، على قول الأقدمين والمعاني هنا اقتصادية بحتة.
في خضمّ اللغط، كاد المختصون والمهتمون بشأن المنطقة من أصيليها ومن غير أصيليها، ممّن خدموا قضيّتها وأهلها أن يلتمسوا ترخيصا من جوارح الأحداث لقول كلمة وابداء رأي.
والرأي هنا، عدا افتراض وجاهته Pertinence، وافتراض تفرّده وجب ان يتوافر على الشجاعة، شجاعة الحرية، وحرية المسؤولية.
وهو رأي متمّم لآليات وامكانيات الدولة الحديثة، التي من وظائفها الاساسية ضمان التوفيق بين الحرية والقانون وبين الحراك والنظام.
حراك يشير الى حياة الجسم الاجتماعي وحيويته، وتلك فضيلة لا خطيئة، ونظام يؤطر هذا الحياة ويجنّبها العبثية والانفلات.
I في اللامركزية الذكية:
استباقا لأي تعريف، نشير منذ البدء ان اللامركزية حين لا تكون ذكيّة، يفّضل عليها طلبا للنجاعة المركزية الذكية Arbitrage de l'éfficience
تستدعي هذه المركزية الذكية، أوّليات Préalables من أهمها:
احترام خصوصية الفضاء الطبيعي والبشري.
عدم إتلاف مخزون الثقافة الأصيلة من صبر وجلد ومنازلة صعاب وقول كلمة حق وتجنّب فتن وتضامن أصيل وتضحية دون، انتظار أثمان ونبذ فساد واحترام يصل حد التقديس لوجاهات العلم وخدمة العموم.
صون أمثلة النجاح العلمي والمادّي والأخلاقي والاجتماعي، وهم / هنّ كثر، وعدم «معاقبتهم»، واحلال محلّهم، زرعا، جالبي النكسة في الميادين الاربع المذكورة من ضعاف النفوس قصيري الهمم.
تقديم الرجال والنساء القادرين على تحمّل أعباء ومقتضيات أهداف التقدّم، المستبطنين لثنائية الخصوصية والوحدة الوطنية.
خصوصية تعني القرب من مشاغل الناس ومعايشتها Proximité، واقتدارا على اجتراح الحلول انطلاقا من المعطيات المحلية Données du terroir.
ووطنية تعني دمج هذه المشاغل والنجاحات في المسار العام للبلاد، وتحكيما يراعي حرمة للوطن وعينا ساهرة على معطياته الجيو سياسية.
II في مقولة أن البنى البشرية عائق أمام التنمية:
وهي مقولة خاطئة في مقدماتها ونتائجها ففي ما يتعلق بالمقدّمات، التصق بعض أشبه الباحثين/المؤرخين برواية الأساطير الشفوية الشعبية لكيفية نشأة هذه البنى.
لم يدرك هؤلاء ويفترض فيهم ان يدركوا علما أن هذه البنى (صفّا / عرشا / قبيلة)،اقتضتها ضرورات التاريخ والجغرافيا، وأنها نتاج عملية صهر وامتزاج لمكوّنات ضاربة في القدم ووسيطة ومستحدثة، تصير بدورها قديمة، تنضاف اليها كل مرة موجات وتنزاح أخرى، لنكوّن في المحصلة ذاتية حماية واتصال، لها ذكاء البقاء المرحلي وديناميكية التواصل مع الفضاءات المحيطة والبعيدة، وأنها معرّضة لجدل الفناء والتحول كما كل الظواهر المادية.
بهذا الفهم الديناميكي / الأركيولوجي (تراكم / انصهار /تحوّل) تكونت هذه البنى، وليست النظرية الخلدونية ببعيدة عن كل هذا، أليس تاريخنا في جانب مهمّ منه تاريخ هجرات وتهجير.
ألم تثبت الأركيولوجيا البشرية في ربوعنا أنّك إن أردت البحث عن أقدم من وطّن منطقة، فابحث عنهم ستجد أعقابهم في أبعد ناحية منها، اذ هم غُلبوا على أمرهم، استُبدلوا بمن غلب ومن والى من غلب.
ولعلها فرصة أن «نسخر» من جهويات الادعاء والتي هي من سمات الوافدين الجدد دائما، أيحسب البعض أن بني حفص مكثوا في العاصمة بعد غُلبهم، وأن الشابيين وطّنوا القيروان بعد انقضاء إمارتهم وأن هُذيلا وجويْنا وسُحيما، ادّعت نسبا الى الساحل التونسي بعد أن ملأته ثغورا وأن رياحا أبقت إمارة في قرطاج، فسبحان الذي له البقاء!
إن استبطان روح المواطن في الواجبات والحقوق هو البديل والضامن لذاتية الفرد والجماعة، ولا بأس بعد ذلك أن تكون هذه المواطنة مطعّمة بما في المحلي والجهوي من عبق الخصوصية.
عطفا على موضوع الحوض المنجمي، شكّلت هذه البنى، ساعات النهوض للنضال الوطني والنقابي والتضامن المغاربي وحماية الحدود وبناء مؤسسات الدولة الحديثة، رافعة وعامل قوة وإسناد، في ما شكّلت أزمنة السقوط مأربا للساقطين.
(يتبع)
الكاتب : أخصائي في تمويل التنمية
متفقد عام خارج الرّتب
خبير في أنظمة التصرف المطبقة على التلفزيون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.