رئيس الجمهورية يستقبل عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني    الهيئة الإدارية الجهوية للإتحاد الشغل بصفاقس تقرّر البقاء بحالة انعقاد في إنتظار صدور قرارات الهيئة الإدارية الوطنية    بين رغبة العائلة وحنين الأصدقاء.. عيد ميلاد عادل إمام يثير الجدل    محمد بن زايد يعلن استثمار الإمارات 1.4 تريليون دولار في أمريكا    هام / توصيات وزارة الشؤون الدينية للحجيج..    الإعلان عن أكبر مجمع إماراتي أمريكي للذكاء الاصطناعي في أبوظبي    مصر: بلغهم أن الممثل المصري عبد الرحمان أبو زهرة توفي فأوقفوا منحة تقاعده    الكرة الطائرة: تربص المنتخب ينطلق يوم 18 ماي    في الصّميم : لا كبير في الإفريقي غير الجمهور والشّعار    الرابطة المحترفة الأولى: الترجي الرياضي يُتوّج بلقبه ال34 ويواصل فرض هيمنته على الكرة التونسية    منبر الجمعة:لبيك اللهم لبيك (1) مقاصد الحجّ    ملف الأسبوع: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ: الكعبة المشرّفة.. بيت الله الحرام    خطبة الجمعة: مكانة النظافة في الإسلام    بن عروس: تفكيك شبكتين دوليتين تنشطان في مجال تهريب وترويج المخدرات وهذا ما تم حجزه    الجزائر: فيضانات وسيول جارفة تخلف ضحايا ومصابين    في ذكرى النكبة : هل مازالت أمريكا تحتاج إلى إسرائيل ؟    الترجي الرياضي يتسلّم لقب بطولة الرابطة المحترفة الأولى لموسم 2024-2025    وزارة الفلاحة تحدد اسعار قبول الحبوب لصابة 2025    امضاء اتفاقية لتحويل 24 حافلة إلى عدد من جهات الجمهورية    الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة تكشف عن 3 مبادرات وطنية لدفع مسار ازالة الكربون    موريتانيا.. فتوى تحرم الدجاج المستورد من الصين    زغوان: إنجاز أكثر من 200 ألف تلقيح ضدّ أمراض المجترات منذ بداية مارس المنقضي    عاجل/ قضية قتل رحمة الأحمر: هذا ما تقرّر ضد مهدي بن غربية    مدنين.. ارتفاع أعداد الأضاحي مع تراجع في الأسعار    فيلم "سماء بلا أرض" لأريج السحيري في عرضه العالمي الأول بمهرجان كان السينمائي ضمن قسم "نظرة ما"    الكاف.. 3538 مترشحا لامتحان الباكالوريا    كيف ترفع مخزون الحديد في جسمك بسرعة؟    بالصور ...شاهد دخلة الترجي أمام الاتحاد الرياضي المنستيري    اتحاد الفلاحة : مليون و250 ألف خروف متوفّر... ولا داعي للهفة    مهرجان كان السينمائي 2025: إطلالات جمالية ساحرة للنجمات العرب في اليوم الثاني    النوم المبكر.. سر الصحة النفسية والسعادة عند الأطفال    40% فقط نسبة امتلاء السدود في تونس: الموارد المائية تحت الضغط    مستشار وزير الصحّة للأولياء: هكذا تحمون أبنائكم من المخدّرات.. #خبر_عاجل    كأس تونس: سحب قرعة نصف النهائي يوم الأحد وبرمجة مواجهات ربع النهائي على يومين    ياسمين الحمامات.. لص المحلات السكنية في قبضة الأمن    يوم علمي لمهرجان النسري تحت شعار 'من الاستدامة الى التحويل ' يوم 21 ماي بدار زغوان    "براكاج" في البلفيدير ينتهي بالقتل: هذا ما تقرّر في حق المتهمين.. #خبر_عاجل    101 الأكثر تأثيراً في السينما العربية: تسعة تونسيين في قائمة 2025    رئيس جمعية جراحة الصدر والشرايين: ألفا عملية قلب مفتوح تجرى سنويا في تونس    5 سنوات سجنا في حق تاجر من أجل الاحتكار والمضاربة في البطاطا    أضرارًا جسيمة خلفتها الأمطار الأخيرة المصحوبة بالبرد في عديد القطاعات الفلاحية بهذه الولاية..    ضعف عضلة القلب: طرق الوقاية والعناية    تغيير موعد الدور النهائي لكأس تونس لكرة السلة    عاجل/ وزارة الحج والعمرة بالمملكة العربية السعودية تصدر بيان هام..    إقتصاد تونس ينمو ب1،6 بالمائة خلال الثلاثي الأوّل من 2025    تونس تُصدر بلاغا في ذكرى يوم ''النكبة''    قليبية: تعطل الدروس بالمؤسسات التربوية بسبب الأمطار    اليوم: تواصل أمطار مؤقتا رعدية ومحليا غزيرة    لغز اختفاء الفتاة التركية يُفك في المنستير: زواج سرّي يكشف الحقيقة!    "إنهم قادمون".. نهاية مروعة لمؤثرة على "تيك توك" أمام آلاف المتابعين!    تونس: تعديل في مشروع قانون يمنع المناولة في الحراسة والتنظيف    هطول كميات هامة من الامطار على اغلب جهات البلاد خلال ال24 ساعة الماضية    عاجل/ فيضانات بهذه الولاية: تعطل للأنشطة والدروس وقرار بتأجيل امتحان البكالوريا بهذه المعتمدية..    ليبيا: المجلس الرئاسي يعلن وقفا شاملا لإطلاق النار في طرابلس    الموت يغيب الفنان أديب قدورة.. "فهد" السينما السورية    صفاقس زيارة معاينة لفضاء المسرح الصيفي بسيدي منصور    رئيس الجمهورية يوصى بضرورة تيسير عودة التونسيين ،وتخفيف الإجراءات والمعاملات الديوانية لفائدتهم    السعودية: رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأي: في الميزات التفاضلية ومسالك التنمية (1): الحوض المنجمي مثالا
نشر في الشروق يوم 02 - 02 - 2010


الى معلّمي الاول (حمد بن الطيب)
توطئة:
للوهلة الأولى، كاد كاتب المقال أن يزيح العنوان المشار اليه أعلاه، ليستبد له ب «كيف يشكو من الظمأ من له هذه العيون».
وهذه العيون، هي عيون الحوض المنجمي، عيون ماء وعيون مها (ومها قد تعني لا في لهجة سكان الحوض).
وجب أن نشير منذ البدء، أنه يُعنى بالميزات التفاضلية منحاها الاقتصادي البحت Avantages comparatifs فلا فضل، ولا مفاضلة كما قد يذهب لذلك البعض ممّن لم يفهم بعد أن اللفظ مستبطن «للمعاني»، على قول الأقدمين والمعاني هنا اقتصادية بحتة.
في خضمّ اللغط، كاد المختصون والمهتمون بشأن المنطقة من أصيليها ومن غير أصيليها، ممّن خدموا قضيّتها وأهلها أن يلتمسوا ترخيصا من جوارح الأحداث لقول كلمة وابداء رأي.
والرأي هنا، عدا افتراض وجاهته Pertinence، وافتراض تفرّده وجب ان يتوافر على الشجاعة، شجاعة الحرية، وحرية المسؤولية.
وهو رأي متمّم لآليات وامكانيات الدولة الحديثة، التي من وظائفها الاساسية ضمان التوفيق بين الحرية والقانون وبين الحراك والنظام.
حراك يشير الى حياة الجسم الاجتماعي وحيويته، وتلك فضيلة لا خطيئة، ونظام يؤطر هذا الحياة ويجنّبها العبثية والانفلات.
I في اللامركزية الذكية:
استباقا لأي تعريف، نشير منذ البدء ان اللامركزية حين لا تكون ذكيّة، يفّضل عليها طلبا للنجاعة المركزية الذكية Arbitrage de l'éfficience
تستدعي هذه المركزية الذكية، أوّليات Préalables من أهمها:
احترام خصوصية الفضاء الطبيعي والبشري.
عدم إتلاف مخزون الثقافة الأصيلة من صبر وجلد ومنازلة صعاب وقول كلمة حق وتجنّب فتن وتضامن أصيل وتضحية دون، انتظار أثمان ونبذ فساد واحترام يصل حد التقديس لوجاهات العلم وخدمة العموم.
صون أمثلة النجاح العلمي والمادّي والأخلاقي والاجتماعي، وهم / هنّ كثر، وعدم «معاقبتهم»، واحلال محلّهم، زرعا، جالبي النكسة في الميادين الاربع المذكورة من ضعاف النفوس قصيري الهمم.
تقديم الرجال والنساء القادرين على تحمّل أعباء ومقتضيات أهداف التقدّم، المستبطنين لثنائية الخصوصية والوحدة الوطنية.
خصوصية تعني القرب من مشاغل الناس ومعايشتها Proximité، واقتدارا على اجتراح الحلول انطلاقا من المعطيات المحلية Données du terroir.
ووطنية تعني دمج هذه المشاغل والنجاحات في المسار العام للبلاد، وتحكيما يراعي حرمة للوطن وعينا ساهرة على معطياته الجيو سياسية.
II في مقولة أن البنى البشرية عائق أمام التنمية:
وهي مقولة خاطئة في مقدماتها ونتائجها ففي ما يتعلق بالمقدّمات، التصق بعض أشبه الباحثين/المؤرخين برواية الأساطير الشفوية الشعبية لكيفية نشأة هذه البنى.
لم يدرك هؤلاء ويفترض فيهم ان يدركوا علما أن هذه البنى (صفّا / عرشا / قبيلة)،اقتضتها ضرورات التاريخ والجغرافيا، وأنها نتاج عملية صهر وامتزاج لمكوّنات ضاربة في القدم ووسيطة ومستحدثة، تصير بدورها قديمة، تنضاف اليها كل مرة موجات وتنزاح أخرى، لنكوّن في المحصلة ذاتية حماية واتصال، لها ذكاء البقاء المرحلي وديناميكية التواصل مع الفضاءات المحيطة والبعيدة، وأنها معرّضة لجدل الفناء والتحول كما كل الظواهر المادية.
بهذا الفهم الديناميكي / الأركيولوجي (تراكم / انصهار /تحوّل) تكونت هذه البنى، وليست النظرية الخلدونية ببعيدة عن كل هذا، أليس تاريخنا في جانب مهمّ منه تاريخ هجرات وتهجير.
ألم تثبت الأركيولوجيا البشرية في ربوعنا أنّك إن أردت البحث عن أقدم من وطّن منطقة، فابحث عنهم ستجد أعقابهم في أبعد ناحية منها، اذ هم غُلبوا على أمرهم، استُبدلوا بمن غلب ومن والى من غلب.
ولعلها فرصة أن «نسخر» من جهويات الادعاء والتي هي من سمات الوافدين الجدد دائما، أيحسب البعض أن بني حفص مكثوا في العاصمة بعد غُلبهم، وأن الشابيين وطّنوا القيروان بعد انقضاء إمارتهم وأن هُذيلا وجويْنا وسُحيما، ادّعت نسبا الى الساحل التونسي بعد أن ملأته ثغورا وأن رياحا أبقت إمارة في قرطاج، فسبحان الذي له البقاء!
إن استبطان روح المواطن في الواجبات والحقوق هو البديل والضامن لذاتية الفرد والجماعة، ولا بأس بعد ذلك أن تكون هذه المواطنة مطعّمة بما في المحلي والجهوي من عبق الخصوصية.
عطفا على موضوع الحوض المنجمي، شكّلت هذه البنى، ساعات النهوض للنضال الوطني والنقابي والتضامن المغاربي وحماية الحدود وبناء مؤسسات الدولة الحديثة، رافعة وعامل قوة وإسناد، في ما شكّلت أزمنة السقوط مأربا للساقطين.
(يتبع)
الكاتب : أخصائي في تمويل التنمية
متفقد عام خارج الرّتب
خبير في أنظمة التصرف المطبقة على التلفزيون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.