القاهرة «الشروق» من مبعوثنا الخاص نورالدين بالطيب: الهيئة المصرية العامة للكتاب تمثّل أقوى جهاز في مصر يعتني بالكتاب نشرا وتوزيعا ومن بين مشمولاتها الأساسية تنظيم معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي ينتظم في دورته الثانية والأربعين من 28 جانفي إلى 13 فيفري بمشاركة 800 ناشر وحوالي مليون عنوان. «الشروق» التقت في أروقة المعرض في القاهرة الأستاذ حلمي النمنم نائب رئيس الهيئة العامة للكتاب والمسؤول الأول عن المعرض في هذا الحوار. أستاذ حلمي ماهي نسبة رضاك الشخصية عن المعرض في دورته الثانية والأربعين؟ هي نسبة كبيرة لكنها ليست النسبة النهائية أرجو للمعرض المزيد من النجاح وأن يكون الجمهور أكثر حضورا وأن يكون الإقبال على البرنامج الثقافي أكثر. بالنسبة للبرنامج الثقافي لاحظت غيابا لوجوه معروفة في العالم العربي هل هذا اختيار منكم؟ الكتّاب العرب موجودون والتساؤل عن غياب الكتّاب العرب الذي طرحته بعض الصحف يعبر عن مشكلة حقيقية في المشهد الثقافي العربي نحن في الصحافة وفي الإعلام بشكل عام يبدو أننا لا نعترف إلا بنجوم الثقافة وبالتالي حين ينظر الجمهور إلى القائمة ولا يجد فيها اسم أدونيس أو غيره من نجوم الثقافة العربية يتصور أن الحضور العربي غائب. الحضور العربي موجود هذا العام أكثر من كل السنوات السابقة وأقول من الناحية العددية الكتاب العرب موجودون أكثر من ناحية تنوع البرامج الثقافية لكن المشكلة نحن اعتدنا أن الحضور العربي يتمثل في الشعراء وبدرجة أقل في الروائيين لكن ماذا عن المفكرين العرب وأساتذة الجامعة العرب والباحثين العرب ندوة السيرة الهلالية مثلا شارك فيها سبعة من الباحثين الكبار في الجامعات الليبية أما أنهم ليسوا نجوما فهذه مشكلة أخرى، المشكلة نحن في الإعلام نكرس نجومية الثقافة وهذا خطر كبير على الثقافة لأن العمل الثقافي يقوم في تصوري الشخصي على بعدين مهميّن إذا افتقدهما لا تكون له أية فاعلية التعدد والتجدد، التعدد أن تأتي بباحثين من مختلف الاختصاصات وهذا ما حاولناه في هذه الدورة وأن نقدم وجوها جديدة غير معروفة كثيرا للمتابع المصري والعربي. قال السيد وزير الثقافة الدكتور فاروق حسني أنه لا مجال لكتب الشعوذة والقراءات الغريبة عن الإسلام لكن لاحظت في المعرض كمّا مهولا من هذه الكتب؟ بالنسبة لي شخصيا نشر ثقافة التنوير ومقاومة الفكر الظلامي هذه قضية مصير قضية حياة أو موت لأنه لا مستقبل لهذه الأمة العربية والإسلامية بكل شعوبها فلا مستقبل لهذه الأمم في وجود الفكر الظلامي ولا مستقبل إلا بنشر العقلانية والحداثة والتنوير هذه مسألة محسومة بالنسبة لي وبالنسبة لوزارة الثقافة. لكن نحن في مجتمع يقوم على الحرية لا تستطيع أن تصادر هذه الكتب وتمنعها من دخول المعرض لأنه سيقال أن إدارة المعرض تصادر في الفكر لكن ينبغي أن نحارب هذه الكتب بنشر كتب في الفكر العقلاني والتنويري وكتب التراث النيّر لأن التراث العربي والإسلامي فيه كنوز نادرة من التأسيس لثقافة التنوير ويكفي أن أذكر ابن خلدون وابن رشد وغيرهم. مثلا في المجلس الأعلى للثقافة مؤخرا أقمنا احتفالا دوليا ضخما بابن خلدون علينا أن ننشر الفكر العقلاني والمستنير وتراثنا العربي مليء بالمفكرين العقلانيين المستنيرين. لدينا التوحيدي والمعري وابن رشد وابن خلدون هؤلاء كتاب أمنوا بالتنوير والعقلانية كما لا بد من العمل على نشر ثقافة القيم الحديثة والانفتاح على العالم واللغات الحية وعندها لن يكون هناك مكان لهذه الخزعبلات السخيفة التي تقدم على أنها من الإسلام وليست من الإسلام في شيء. لماذا اخترتم روسيا كضيف شرف ما هي المقاييس التي ا عتمدتموها؟ أولا نحن اخترنا روسيا سنة 2008 لتكون ضيف الشرف، المرة الأولى كانت ألمانيا ضيف شرف ثم إيطاليا وكانت هناك كندا وفرنسا وبريطانيا. وقتها لم أكن في الهيئة وكنت أكتب وانتقدت الهيئة لأنه لا ينبغي أن تكون فكرة ضيف الشرف حكرا على البلاد الغربية نحن في حاجة إلى البلاد الشرقية واقترحت الهند بتاريخنا العربي الإسلامي مع الهند وتاريخنا مع الروس أيضا، فانحصر الاختيار بين روسيا والصين وهكذا اخترنا روسيا وأنت تعرف أن الأدب الروسي له حضور كبير في مخيال وثقافة الكتّاب العرب مثل تولستوي وتشيكوف وغوركي ويسنين ودستوفسكي وغيرهم. هل هناك مشاريع مشتركة معهم؟ هم يريدون الترجمة ونحن كذلك نريد أن نترجم من الأدب الروسي لكن مثل هذا النشاط صعب أن يقنن باتفاقيات لأنك عندما تتحدث عن الترجمة إلى العربية لا بد أن يكون لديك جيش من المترجمين العرب الذين يترجمون مباشرة عن الروسية فأنت يمكن أن تدخل في اتفاقية ولا تكون لديك الآليات لتنفيذها. ما هي برامجكم المستقبلية في الهيئة العامة للكتاب؟ الهيئة تقوم أساسا بالنشر وبالتوزيع وتصدر بعض المجلات الثقافية في مجال النشر نسعى إلى تقديم أجيال جديدة وأسماء جديدة وننشد مختلف جوانب الفكر الإنساني والمعرفة الإنسانية مع الاهتمام المطلق بأفكار التنوير والاستنارة. غياب الجزائر كان حدثا مؤسفا للمثقفين العرب في المعرض لماذا هذا الغياب؟ غياب الجزائر مؤسف ليس للعرب فقط بل لنا نحن المصريين أيضا وخاصة في معرض الكتاب الذي أردناه أن يكون دائما لقاء للناشرين والكتاب العرب نحن وجهنا دعوة لاتحاد الناشرين الجزائريين باعتباره الجهة المسؤولة عن الناشرين لكننا لم نتلق ردّا لا بالسلب ولا بالإيجاب وغياب الجزائر مؤسف للحقيقة لأن العلاقات الجزائرية المصرية يفترض أن تكون أكبر وأعمق من أن تتأثر بمقابلة في كرة القدم.