محمد صلاح وريهانا يتصدران الترند بفيديو مزيف    أوبن إيه آي تُطلق رسميًا خدمة ChatGPT Go في تونس    الاعلام الرياضي رافد أساسي لنشر قيم الحركة الاولمبية ومبادئها (محرز بوصيان)    إعادة فتح مكتب بريد المهدية هيبون من ولاية المهدية    رئيس ديوان وزير الفلاحة يعلن من جندوبة انطلاق موسم زراعة اللفت السكري    5 عادات تجعل العزل الذاتي مفيدًا لصحتك    السموم الرقمية: خطر صامت في حياتنا اليومية...كيف نتخلّص منه؟    عينيك جافة؟ اكتشف الأسباب والحلول السهلة    تونس تعملها وتدخل التاريخ: ما قبلتش حتى هدف في طريق المونديال!    تفاصيل مهمة على القمة الروسية العربية المرتقبة قبل نهاية 2025    عاجل : هبوط اضطراري لطائرة وزير الدفاع الأميركي    توصيات تهمّك للحماية من الهجمات السيبرنية...رد بالك تفوّتها    انتشرت على مواقع التواصل: تفاصيل معركة عنيفة بين طلبة في مطعم جامعي.. #خبر_عاجل    شوف الأندية التونسية على الميدان: دوري أبطال إفريقيا وكأس الكاف الويكاند!    عاجل: نجاح أول زرع كلية محوّلة بالفصيلة بين متبرّع ومتلقي غير متطابقين    طقس الويكاند هكا باش يكون    الشمال على موعد مع أمطار متفرقة اليوم بينما الجنوب يشتعل بالحرارة    عاجل في مشروع قانون المالية: الدولة تدعم زيت الزيتون المعلّب    الممثّل علي الفارسي في ذمّة الله    عاجل: مشروع قانون المالية 2026...75٪ من موارد الدولة تأتي من الضرائب    عاجل: مشروع قانون المالية يضمن قروضا لصغار الفلّاحين    عاجل/ حالات اختناق مجددا.. هذه آخر مستجدات الوضع في قابس..    حساسية الخريف: حاجات طبيعية تخليك تودع ''العطسة ''و ''احتقان الخشم ''    مباراة ودية: الكشف عن موعد مواجهة المنتخب الوطني ونظيره البرازيلي    الترجي الرياضي: غيابات بالجملة في رحلة بوركينا فاسو    المنستير: تظاهرة ذاكرة حيّة: التراث غير المادي بالمكنين "يوم غد الجمعة بالمتحف الاثنوغرافي بالمكنين    انطلاق حملة النظافة بموقع أوذنة في اطار برنامج صيانة التراث المادي والمعالم التاريخية    بعثة تونس الدائمة في الأمم المتحدة تدعو إلى ضرورة إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية    بن عروس: برمجة رش 550 هكتارا من الزياتين بمادة المرجين    النادي الإفريقي: 25 ألف مُشجّع لمباراة الإتحاد المنستيري    جريمة مروعة: تسلل الى منزلها بهدف السرقة فأنهى حياتها..    مشاركة محافظ البنك المركزي التونسي في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي بواشنطن    عاجل/ توظيف ضريبة على مكاسب وأملاك الأشخاص الطبيعيين..    إيطاليا تؤكد التزامها بالمساهمة في إعادة إعمار غزة..    مدينة تستور تحتضن الدورة التاسعة لمهرجان الرمان من 29 اكتوبر الى 2 نوفمبر 2025    الملف | الزراعة الذكية في تونس: ابتكار وطني يزدهر في توغو    الملف | الموسم الحبوبي 2025 : إنتاج وفير وآمال متجددة في تحقيق الاكتفاء الذاتي    تصفيات مونديال 2026: مباريات الملحق الافريقي من 13 الى 16 نوفمبر المقبل    السباحة الأسترالية تيتموس تعتزل بشكل مفاجئ    أحمد شلبي من رابطة حقوق الإنسان: المسيرة في قابس كانت سلمية.. لكن التدخل الأمني فجّر المواجهات    نحو إعداد برنامج عمل متكامل لمزيد حوكمة الشركات الأهلية    طقس اليوم: أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 20 و32 درجة    الجديد على الفواتير في المساحات الكبرى: كل ما تشري فوق 50 دينار فما معلوم جديد.. شنيا الحكاية؟    لأول مرة منذ 20 عاما.. جواز السفر الأمريكي يفقد بريقه    أزمة جثث الرهائن.. إسرائيل تقرر تأجيل فتح معبر رفح    مصر.. الحرب في غ.زة انتهت وترامب هو الضمانة الأولى لتنفيذ الاتفاق    تراوحت بين 12 و31 سنة.. صدور أحكام سجنية ضد عناصر شبكة دولية لتهريب الكوكايين    ليالي المدينة الهائمة    محمد بوحوش يكتب:صورة الأرامل في الأدب والمجتمع    في «أكتوبر الموسيقي» بالمنستير ... عروض في اتجاه واحد    المهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع" يفتتح دورته الثالثة من ولاية توزر    طقس كثيف السحب مع امطار مؤقتا رعدية فاحيانا غزيرة ليل الاربعاء    عاجل/ نشرة متابعة للوضع الجوي لبقية اليوم..أمطار رعدية بهذه المناطق..    مستشفى الرابطة: يوم مفتوح لتقصي هشاشة العظام في هذا الموعد    بداية من اليوم..انطلاق حملة التلقيح ضد "القريب"..    أولا وأخيرا .. البحث عن مزرعة للحياة    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    يوم الجمعة وبركة الدعاء: أفضل الأوقات للاستجابة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيدي سعد (نصر الله): طلب مساعدته في تشغيل الدراجة فقتله بطعنة في الظهر
نشر في الشروق يوم 25 - 02 - 2010

داخل منزل الوالدين اجتمعت اكثر من عائلة تتبادل التعازي بعد أن نفض أفرادها تراب الدفن من أيديهم فجلسوا يستقبلون المعزين في غرف المنزل المتواضع . وعند مدخله جلس طفل يبحث بين ايدي الضيوف عن يد ألفها فلم يجدها أما شقيقاته فرحن يلعبن كأنهن فراشات داهمها الخريف حفاة بينما.. كانت إحداهن تمرغ وجهها في حضن والدتها المريضة تنتظر قطع الحلوى المعهودة.
وغير بعيد عن ذاك المنزل توقف البعض يتفرسون آثار اللون الأحمر على الطريق الأسود يفكون رموز حادثة وزعت الرياح تفاصيلها في كل مكان فصارت محور الجلسات واعتبرها البعض من أسوأ ذكريات جريمة القتل وتساؤلات عن الصداقة والوفاء.
الفاجعة راجت اثر مقتل المولدي بن صالح فايدي (49 عاما) يوم الجمعة على يد صديق طعنه بواسطة آلة حادة في ظهره عندما استعان به على تشغيل دراجته النارية التي تعطبت وذلك بالقرب من محل إقامته بقرية سد سيدي سعد (15 كلم عن معتمدية نصر الله من ولاية القيروان).
وذلك وفق شهود عيان واعتراف المشتبه فيه الذي تم إيقافه سويعات بعد الجريمة والشروع في استنطاقه لمعرفة أسباب قتله رب الأسرة الذي خلف وراءه أربعة أطفال وكثيرا من الأحزان.
«الشروق» كانت نشرت خبر الواقعة في عدد السبت 20 فيفري. وتفيد المعطيات الأولية ان الهالك توجه في وقت متأخر من الليلة الفاصلة بين الخميس والجمعة الى عمله كحارس ضيعة قريبة من منزله بقرية سيدي سعد من معتمدية نصر الله وفي طريق العودة انفلقت عجلة دراجته النارية فاستنجد بشقيقه الذي جلب له معدات إصلاحها ثم تركه.
وبعد إصلاحها استعان الهالك بأحد الشبان الواقفين معه لدفع الدراجة قصد تشغيل المحرك. غير ان الهالك الذي امتطى الدراجة وسار بها بضعة امتار سرعان ما سقط على الأرض بعد مجاوزة شقيقه الذي سبقه بلحظات ليكتشف ان الهالك تعرض الى طعنة على مستوى ظهره.
وإثر تلقيها نبأ الواقعة ومعاينة الجثة أذنت النيابة العمومية بإيقاف المشتبه فيه وعرضه على البحث فتم في وقت وجيز من فجر يوم الجمعة ايقاف المشبوه فيه والاحتفاظ به على ذمة البحث.
الحادثة أصبحت محور حديث القاصي والداني بمعتمدية نصر الله كما لف تفاصيلها الكثير من الغموض ممّا فسح المجال امام تعدد الروايات. وبحثا منها عن أضفى التفاصيل «الشروق» زارت منزل الهالك واستمعت الى الشهود.
عطب منتصف الليل
تتبع قرية سيدي سعد معتمدية نصر الله (القيروان). على مسافة 15 كلم تتمدد بين مختلف التضاريس التي غلبت عليها المرتفعات وبين الوان الخضرة وآثار الجفاف. لم يتغير شيء بهذه القرية الشهيرة بسدها العظيم منذ زيارتنا لها قبل عامين في حادثة مقتل مديرة المدرسة على يد الحارس...الطريق الضيق والسكة الحديدية المعطلة وأشجار اللوز المزهرة بينما كانت الرياح تداعب الأغصان.
يقع منزل الهالك المولدي بن صالح فايدي (49 عاما) بمنطقة سيدي سعد. عند مدخل حي 7 نوفمبر بقرية يعترضك الهدوء المطبق تقطعه خطى فتاة تحمل خبزا او شبان يقفون عند عمود الكهرباء يتبادلون «ألوان» الأحاديث. هناك كان منزل الهالك يعج بالمعزين. دخلنا ثم جلسنا الى أفراد عائلة نسترجع تفاصيل الفاجعة وسط وجوه تعلو سحنتها علامات حزن تنتظر السؤال او كلمة تعزية ترد عليها بكلمات يغشيها السكون.
وقد أفادنا مبارك (32 سنة) بأن شقيقه (الهالك) غادر المنزل ليلة الواقعة لتفقد ضيعة مجاورة يشتغل فيها بصفة حارس. وفي طريق العودة على متن دراجته النارية على مسافة 3 كلم من المنزل انفلقت عجلة دراجته فاستنجد بشقيقه توفيق ليجلب له أدوات إصلاحها.
كان توفيق (28 سنة) يستمع كمن ينتظر دوره في خوض التفاصيل. يجلس مطأطئ الرأس مسكونا بذكريات ثقيلة وهو الذي شهد مصرع شقيقه بين يديه عاجزا عن مساعدته.
وقد ذكر أنه حمل الى شقيقه المولدي أدوات إصلاح عجلة الدراجة فوجد برفقته احد أصدقائه (22 سنة) فقاموا بإصلاح العطب. ثم اقل احد الشبان معه وتوجه الى منزله تاركا شقيقه صحبة الصديق وقد سمعه يطلب مساعدته في تشغيل الدراجة بدفعها بعد ان ركبها.
«طعنة غادرة»
يرسل ذكرياته بين راحتيه ثم يرفع رأسا مثقلا ويضيف انه أثناء سيره نحو المنزل لحق به شقيقه يسير بسرعة على متن الدراجة ثم تجاوزه لكن سرعان ما سقط على الأرض بعد عشرات الأمتار من مكانه الأول دون أن يبدي أية حركة. وعندما سارع الى نجدته فوجئ بتدفق الدم من ظهره الذي كان يحمل جرحا غائرا كأنه نافورة ففهم ان الصديق الذي تركه برفقته هو الذي طعنه في ظهره عندما طلب منه دفع الدراجة فحاول اسعاف شقيقه فنقله على متن شاحنة خفيفة الى مستشفى القيروان لكنه كان مفارقا للحياة.
دموع ويتم
محمد هو الشقيق الأكبر (50 سنة) للهالك. كان هادئا رصينا كحكيم يوناني. وأكد انه كان نائما في منزله عندما اتصل به شقيقه توفيق (منتصف الليل والنصف) وأعلمه بتواجد شقيقه في المستشفى (اخفى عنه خبر الوفاة). وأكد انه مر بمكان الحادث وهو في الطريق الى المستشفى فشاهد عبر مصباحه اليدوي الدماء تغطي الطريق. واكد محمد انه فقد اعز اشقائه. «كان احد اصدقائي وكنا نتعاون على تجاوز الظروف المادية الصعبة» يتحدث محمد وهو ينظر بعين الشفقة الى ابنة الهالك.
وريدة زوجة الهالك تقدمت نحونا تضم أصغر بناتها. اجتمعت على وجهها علامات الحزن ومرضها المزمن. وأكدت ان زوجها كان يتعهدها بالرعاية ويتكفل بمصاريف علاجها.
وأكدت وريدة ان زوجها يعمل بجد للإنفاق على أسرته (أربعة أبناء) رغم محدودية موارده مؤكدة انه لم تكن لديه أية خلافات.
كان باسم الابن الأكبر يستمع الى ما يروى يعتصر دفعة أخرى من دموعه غير مصدق وفاة والده على تلك الشاكلة.
وقال باسم الذي انقطع عن الدراسة لمساعدة والده في الإنفاق على الأسرة «كان أبي أقرب الناس إليّ وكان أكثر من والد».
المتعارف ان الوالدين هما أشد الناس تأثرا لفقدان الأولاد. فالوالدة هذبة (العقد الثامن) التي لم ينقطع خط دموعها أكدت انها لم تصدق مقتل ابنها بتلك الطريقة وأكدت انه محبوب من الجميع. «لقد كان متميزا عن أشقائه وقد ترك في القلب حرقة». اما والده الحاج صالح (العقد التاسع) فاكد ان الهالك كان يكفله وينفق عليه ويقدم له مبالغ مالية تعزز منحة الشيخوخة (40 دينارا) للتكفل بالعلاج والنفقات.
«كانا صديقين»
طريقة وفاة الهالك المولدي هي أكثر ما حز في نفوس أهله وأثرت فيهم. وأكدوا انه هلك «غدرا» وبيّن الاشقاء ان المشبوه فيه (22 سنة) كان صديقا للهالك وقد كان الهالك يدعوه ب«ولدي» ويضيفه ويكرمه سيما بعد الخلاف الذي جد بينهما خلال شهر رمضان والذي تدخل الأقارب لتسويته.
وفي المقابل اعترف المشتبه فيه بإقدامه علىطعن الهالك مؤكدا عدم قصده القتل.
وقد تواصل البحث لمعرفة ما اذا كان المشبوه فيه تربص بالهالك واضمر له الثأر ام ان للواقعة تفاصيل اخرى قد تتضح مع تقدم البحث.
وأكد أحد معارف المشبوه فيه انه يتيم الوالدين ويعيش وشقيقه في كفالة خالهما منذ صغر سنهما. وينتظر ختم البحث الابتدائي والاستماع الى الشهود وأقارب الهالك في انتظار إحالة المشتبه فيه الى احد قضاة التحقيق.
وسط منزل من غرفة واحدة تركنا أرملة ثكلى اربكها المرض تربت على ظهور أربعة يتامى تسأل: «من لهؤلاء»؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.