لي صاحب من أولئك الذين توقف بهم الزمن في محطة الجاهلية وهم ينظرون الى عنترة بن شداد وهو يُثقّف سيفه لذلك هم يدعون الثقافة والتثقيف، ويرون في هذا الزمن زمن «السيوف الحافية» ولا أحد غيرهم يبريها ويثقّفها. هذا الصاحب المثقف إذا حدّثك فلا حديث له إلا عن دار لقمان ولا إطناب له إلا في الوقوف على أطلالها، وكأنه لقمان صاحب الدار ذاته، ولا ينقصه إلا التسجيل في «دفتر خانة» هذا الصاحب المثقف لا همّ له سوى المرور على الديار من غير حاجة لعله يراهم أو يرى من يراهم ولعلهم يرونه ويرون فيه المثقف لسيوفهم «الحافية». صاحبي المثقف هذا يدعي التثقيف والثقافة ويرى في نفسه حمامة زاجلة تحمل رسالة الثقافة، وهو الحمامة البيضاء الوحيدة التي بقيت من السرب الذي أتت عليه أنفلونزا الطيور فكان الأمر مقضيا. صاحبي المثقف هذا وأمثاله كثيرون يعرف كل الديار دارا، دارا من داره الى «دار الأولاد» الى دار الاذاعة والتلفزة فدار النشر فدار الكاتب فدار الصحفي. نعم يعرفها كلها بابا وشباكا من اليهودية دار قطع الغيار المستعملة الى دار المرسداس وكل دور السيارات الاخرى لا، لمعرفة المحركات وإنما من باب تحريك العجلة عنده. صاحبي هذا، وأكيد أن لكم أصحابا مثله، يعرف كل الديار وخاصة «دار الخلاء» التي تبيع اللفت المدعوم وها هو أخيرا أتمم معجم معارفه للدور في «دار خالتو». صاحبنا هذا وأصحابكم أولئك من هذه الشريحة «الثقافية» لا غرابة إن عرفوا كل الدور ومن يديرها من «دار الخلاء» الى «دار الخالة»، ولا أحد منهم عرف يوما دارا للثقافة.