يعد مهرجان ربيع الفنون الدولي بالقيروان من التظاهرات الثقافية المرموقة جهويا ووطنيا وعربيا. وقد تمكن على امتداد (17 عاما) من نحت مسيرة زاخرة بالأنشطة استجابة لنداء أهل الثقافة في بعث مهرجان تحتفي من خلاله المدينة بمختلف الفنون والفنانين ليكون الربيع الفصل المناسب لاحتضانها وقد كان المهرجان محل دعم الدوائر المعنية والتفاف المثقفين. غير ان هذا الصرح الثقافي الذي ولد كبيرا بشهادة المثقفين الذين كانوا شهودا على انبعاثه (محمد الغزي والمنصف الوهايبي وغيرهم) لم يتخلص من نقد الأوساط الثقافية وانتقاد مردوده المتواضع وما يتخبط في أحشائه من عجز مالي راكم الديون والخلافات بين الأجيال الى حد التنابز بالألقاب والتراشق بالفشل. ويبدو ان هذه الاعتبارات الجوهرية مثلت قادحا أساسيا لنقلة نوعية على ما يبدو تلوح من وراء اجتماع الهيئة المديرة للمهرجان في مناسبتين تمخضت عنها ما يشبه «الانقلاب» على التسيير السائد للجمعية الذي اتسم بالانفرادية بالرأي والاقصاء المزعوم واعتماد العوامل الشخصية دون الموضوعية بعيدا عن الأهداف الحقيقية للمهرجان لتقدم الهيئة «المقترحة» وعدا بالتغيير الجذري على مستوى الأدوار والأفكار والابعاد او هكذا تزعم الهيئة الجديدة ان يكون عليه حال المهرجان الذي تقرر تأجيل موعد انطلاقه هذا العام الى غاية 15 ماي 2010 عوضا عن موعده التقليدي أواسط شهر أفريل. وأول أهداف الهيئة الجديدة هي خلاص الديون العالقة على عاتق الجمعية(بالملايين) وتشريك جميع الأعضاء في التفكير وبعث لجنة استشارية والتفكير في برنامج نوعي. وتضم الهيئة المديرة الحالية لجمعية ربيع الفنون الدولي بالقيروان كل من نجيب عبان (رئيس) وحاتم الفطناسي (نائب رئيس) والناصر جبيرة (أمين المال) وشكري القداح (عضو) والبقية أعضاء. التناوب وتسوية الديون وأكد الفنان التشكيلي نجيب عبان ل«الشروق» ان الهيئة الجديدة ليست إقصائية وانما هي توفيقية تهدف الى اعادة هيكلة الجمعية ووضعها في مسارها الصحيح واعادتها الى الجادة بعد الجنوح الذي شابها والتسيّب والتسيير الفردي. واكد ان هذا التمشي صادق عليه جميع أعضاء الهيئة مقرا بالجهود التي بذلها الرئيس السابق للجمعية بدر الدين بن سعيد حسب قوله. مؤكدا ان الهيكلة الجديدة تأتي تكريسا لفكر التناوب السنوي على رئاسة الجمعية ما يتيح فرصة التسيير للجميع. وأضاف الرئيس (المقترح) ان اولوية الجمعية تتجه الى تسوية الديون الثقيلة للجمعية وتدارس برمجة الدورة الحالية للمهرجان التي تأخرت عن موعدها. ويذكر ان الجمعية المنصرفة لم تعقد جلستها التقييمية العادية على اثر اختتام المهرجان في أفريل 2009 ولم يتم تقييم الوضع المالي والاداري. تحديات كبيرة اذن تنتظر التحدي الذي رفعته الهيئة الجديدة. فأي لون لربيع الفنون الدولي في دورته ال17 هذا العام بادارة الفنانين التشكيليين واتحاد الكتاب؟ ... حتى لا يتحول الربيع الى خريف والفن الى خرف!