حصلت المرأة التونسية على عديد المكاسب التي جعلت منها عنصرا فاعلا في المجتمع وداخل الأسرة. وأدى التطور المتواصل للتشريعات الى تمكينها من تسلّق سلم المعرفة وبلوغ مواقع القرار والاقبال على الانخراط في المجتمع المدني وتقلّد المسؤوليات. ولكن تحسّن وضعية المرأة لم يرافقه تغير العقليات مما أثقل كاهلها وأضحت تفكّر في الارتداد الى الوراء والبقاء في المنزل ولولا الحاجة المادية للعمل لما تمسكت به. «الشروق» تحدثت الى بعض النساء المناضلات صلب الاتحاد الوطني للمرأة التونسية على هامش مؤتمره الثالث عشر، للاطلاع على آرائهن والتعرّف على الحلول المقترحة من قبلهن. لا للرجوع الى الوراء عائشة العمّاري نائبة محلية بولاية تطاوين جاءت لتشارك في المؤتمر وتعطي صوتها لمن تراه صالحا في الانتخابات. وثلاثة أيام من الغياب عن المنزل والأبناء وطي مسافات طويلة للقيام بعمل تطوعي بالنسبة اليها تعد تضحية في سبيل الواجب، والواجب بالنسبة اليها هو الانخراط في المنظمات وهياكل المجتمع المدني للمساهمة في مساعدة الناس المحتاجين ودعمهم. وقالت: «عملي يتمثل في صناعة واعداد كل ما هو تقليدي كالبخور والحنّاء والزيوت النباتية والسّخاب وتقطير حبّة المحلب وتحويله الى قلادة للزينة». وما تقوم به من أنشطة حسب رأيها هو مورد اضافي للأسرة كما ان النشاط التطوعي الذي تقوم به صلب المنظمة النسائية هو ضروري للمجتمع. واعتبرت ان هذا العمل يثقل كاهل المرأة ويجعلها ممزقة بينه وبين الأسرة والأبناء كما أنه يوفر لها معنويا الراحة النفسية اللازمة ويدفعها الى أن تكون فاعلة أكثر في مجتمعها. وقالت: «المرأة لا يمكن ان نعود بها الى الوراء بل على العكس يجب مساعدتها على التقدم من خلال السعي الى تطوير العقليات في اتجاه تقاسم الأدوار داخل الأسرة فيكون الزوج والأبناء هم خير معين لها من خلال تبادل العطاء. وذكرت أن المرأة هي نصف المجتمع ولا يمكن أن يكون هذا النصف مشلولا في الوقت الذي يعيش فيه العالم تحولات متعاقبة وتتواتر فيه الازمات الاقتصادية. عفاف صدّار عضوة بالمكتب الجهوي لاتحاد المرأة بالقيروان قالت: «عندما أرى هذا العدد الكبير من المؤتمرات الذي يناهز الألفين وأغلبهن أمهات وربّات بيوت يخصصن ثلاثة أيام من وقتهن للمؤتمر أشعر بأن المرأة بلغت درجة كبيرة من الوعي». وأضافت ان هذه الصورة الجميلة التي تدل أيضا على الارضية الملائمة التي توفرت للمرأة التونسية خاصة في مستوى تغير عقلية الرجل ومساندته لها وكذلك تغيّر التشريعات والقوانين في اتجاه تفعيل دور المرأة. واعتبرت ان اعادة توزيع الأدوار داخل الأسرة وتغيّر عقلية المجتمع وتنشئة الأبناء على التعويل علىالنفس ومساعدة الأم من شأنه أن يخفّف كاهل الأم الموظفة أو التي لها مسؤوليات في المجال السياسي أو الاقتصادي أو المنظّماتي. وعلى صعيد العمل رأت أن الكثير من الأعراف لا يتفهمون انخراط المرأة في العمل الجمعياتي ويمارسون ضغوطاتهم تجاهها حتى لا تتمكن من القيام بتلك المهمة التطوعية النبيلة. وعلى هذا الأساس، فإن نظام العمل نصف الوقت للمرأة هو أيضا من الحلول الجذريّة التي يمكن أن تخفّف الضغط على الأمّ العاملة والحاضنة لأبناء صغار. عزوف سعيدة حاجّي نائبة محلّية بمعتمدية الرقاب (موظفة). قالت: «لاحظت عزوفا عن العمل الجمعيّاتي من قبل نساء الجهة بسبب المسؤوليات المتعدّدة من العمل الى العناية بالأسرة، ولكنّي دائما أنصحهن بالتوفيق بين هذا وذاك وتشريك جميع أفراد العائلة في شؤون المنزل وإقناع الزوج بضرورة مساهمته في أعمال الخير، لأن الدولة صرفت الكثير حتى تصل المرأة إلى المكانة التي هي عليها اليوم والمرأة مطالبة بردّ الجميل لصانعه». ورأت أنّ الحكومة والمجتمع المدني أيضا يجب أن يفكّروا في حلول للمرأة العاملة وذلك من خلال توفير محاضن قريبة من العمل ولم لا داخل المؤسسة حتى تستطيع الأم القيام بواجبها دون إهمال أبنائها. واعتبرت أن النظرة الرجعية التي تقود المرأة إلى الوراء والتمني لو أنها لم تخرج من المنزل للعمل لا يجب التفكير بها اطلاقا لأنها تضرّ بالأسرة وبالمجتمع وبالبلاد بصفة عامة. وذكرت فاطمة بن عمر نائبة محلية بقرقنة، أنها منخرطة وناشطة بالاتحاد منذ سنة 1974 وترى أن العمل الجمعياتي مفيد جدّا للمرأة لأنه يمكّنها من الخروج من بوتقة اللاّفعل المجتمعي الى الفعل كما ينهض بأوضاع الأسرة المادية. وقالت: «أنّ المرأة التي تتحلّى بشخصية قوية تستطيع اقناع زوجها وإقناع جميع أفراد الأسرة بأنّ عملها ضروري ووجودها في الحقل الجمعياتي أيضا ضروري وما على كل المحيطين بها غير دفعها إلى الأمام حتى لا تفكر هي في الارتداد الى الوراء». هذه اقتراحات بعض النساء العاملات والناشطات في منظمة نسائية عتيدة لمزيد تفعيل دور المرأة في جميع المجالات والقطع مع كل رأي أو نظرة رجعية.