لنا هوية لا يقاسمنا اياها احد وجزء من التاريخ الانساني الذي نشترك فيه وهو ما يعطي لحاضرنا قيمة ولمستقبلنا معنى وبحكم انتماءاتنا التي نتمسك بها فإننا نتشبث بكل ما يرمز الى العادات والتقاليد التي نسجها أجدادنا وتوارثناها عنهم بحب... ولأننا اليوم نعيش بداية الألفية الثالثة فإن «الشروق» توجهت الى ربوع جهة سيدي بوزيد باحثة في مدى تعلق الاحفاد بعادات الاجداد... اللقاء الأول مع سنية حمدوني بائعة مرطبات التي ذكرت بأنها لا تعرف من اللباس التقليدي الا الشاشية والبلغة والبرنس والملية والجبة وهي ملابس لا تزال الى يومنا هذا موجودة ويرتديها كبار السن بعد عزوف الشباب عنها وعند استفسارنا عن سبب هذا العزوف أجابت بأن الحياة اليومية في عصرنا هذا تحتم علينا الحركة السريعة وبالتالي نقوم بارتداء الجينز وكل ما هو رياضي.... وتوجهنا الى مجموعة من الشبان حيث سألناهم عن بعض أسماء الملابس التقليدية ك «التيقار» و «الحولي الني» و «المنقاش» و«الشرك» فلم يتمكنوا من معرفتها وقال احدهم/ سامي خلف 21 سنة حلاق/ انه يعرف «الحولي» و«الشاشية» و«الكبوس» و«الجبة» و«البلغة» و«البرنس» وعاضده في ذلك أصحابه نظرا لأن هذه الملابس لا تزال موجودة الى اليوم رغم اندثار بعضها. ويرى التلميذ خالد جلالي /15 سنة/ أننا صرنا نستغني عن الملابس التقليدية حتى في المناسبات وداد منصري /24 سنة طالبة/ تدخلت بدورها في الموضوع لتؤكد أن العروس في ليالي حنتها كانت ترتدي «الحولي» و«الحرام»، لكنها أصبحت الآن تتحاشى ذلك بحكم المحاباة والتقليد وكان لنا لقاء مع السيدة زهرة زعفوري ربة منزل وأصيلة منطقة ريفية التي عبرت عن حسرتها وهي تتذكر ماض ليس بالبعيد كانت فيها الفتاة «الهمامية» معروفة بما ترتديه، وتستحضر جملة من الملابس التي ترمز لامرأة هذه الجهة وتقول: «الهمامية» لا تستغني عن، ملحفة عين حجلة، وهي رداء اسود اللون ترتديه كلباس يومي وعن أصل تسميته ب«عين حجلة» أفادت بان ذلك راجع الى صورة طائر الحجل المطبوع على جانب الملحفة كما ترتدي النسوة تحتها ثوبا من القماش الذي عادة ما يكون قطنيا وتشد وسطها بحزام من الصوف الملون تضع فيه حلقة من الفضة الخالصة أما ميسورات الحال فيضعنها من الذهب ولا يتكتمل جمال الهمامية الا اذا جعلت في معصميها مجموعة من «المقاوس» و«فردة» مرصعة بالاحجار الكريمة اذا كانت ذهبية أو كانت من الفضة هذا وترتدي المرأة في أذنيها اقراطا في الأغلب تكون من الذهب على شكل حلقتين يتم رفعهما بواسطة خيط يشد أعلى الرأس كما ترتدي أيضا نوعا آخر من «الاخراص» يسمى «زوز بوطبلة» حيث تتدلى منهما مجموعة من السلاسل التي تصل الى مستوى الصدر وتضع عدة «محارم» على الرأس بألوان مختلفة يتم تثبيتها بقطعة من الحلي على شكل مثلث متساوي الزوايا يكون اما فضيا أو ذهبيا حسب المقدرة تتدلى منه سلاسل بنفس القياس تنتهي كل منها ب «خمسة» تسمى «منقاش» ثم تجعل على رأسها أيضا ما يسمى ب «الطرف» وهو عبارة عن قطعة من القماش الأبيض يكون شفافا.... وتضيف محدثتنا أن ليلة العرس تبقى مختلفة عن كل الليالي، ففي هذه المناسبة تكون العروس عبارة عن كنز من الحلي واللباس ولا يقتصر ذلك عليها فقط فالحماة أيضا تظهر بأبهى حلة والصبايا كذلك، كل حسب المقدرة طبعا لكن بدون تقصير، اذ ترتدي العروس «حولي ني» وهو رداء أحمر اللون مع ملحفة بيضاء اللون وحزام في وسطها وتقوم مزينتها بظفر خصلات رقيقة من شعرها سبعة خصلات على الجانبين وتجعل معهما ما يسمى ب «التيقار» وهو عبارة عن قطعة حلي تتدلى منهما سلاسل تصل الى مستوى الصدر وترتدي كذلك «الساري» وهو عبارة عن قطعة قماش مزينة بالعدس يكون فضفاضا يثبت ب «الحجر» وهو عبارة عن مجموعة متكاملة من الحلي تغطي كامل الصدر ويصل الى أسفل البطن يكون من الذهب أو يغطس في الذهب اذا كان من الفضة وذلك لكي يكون ذهبي اللون ويلبس الساي مع ثوب مزين ثم تزين الساق بالحنة القابسية وتجعل فيهما خلخالا يرمز الى كون المرأة تنتمي الى عائلة ثرية اذا كان من الذهب، وتلبس الحماة أيضا «الحولي» وهو لحاف مخطط اذا كان أحمر اللون تجعل معه حزاما اخضر تفاؤلا. ويبقى دور الجهات المختصة النبش في الموروث الثقافي لابراز الابعاد والرموز التي تتجلى في الملابس التقليدية وحث الحرفيين وأهل المهنة على النهل من الموروث وتطويره لاستغلاله في العديد من التظاهرات الوطنية والدولية الخاصة باللباس التقليدي وهو ما من شأنه أن يدعم الخصوصيات الثقافية لكل جهة.